وتارة يُوحى بالألقاء بالقلب فقط.
وتارة يوحي الله بالالهام فقط كما هو الحال بالنسبة لأُم موسى عليهالسلام.
وتارة بالمنام (كالرؤيا الصادقة) (١).
ذكر الخليل بن أحمد في كتاب العين : إنّ أصل معنى «الوحي» هو «الكتابة» ، وقال ابن منظور في لسان العرب : إنّ الوحي يعني «الإشارة» و «الكتابة» و «والرسالة» و «الالهام» و «والحديث الخفي» و «كل خطاب يُلقى على شخص آخر».
ومن مجموع ما تقدم نستشف أنّ «الوحي» في الأصل يعني الإشارة السريعة والحديث الرمزي والخطاب الخفي المتبادل بالرسائل أو الإشارات ، وبما أنّ التعاليم الإلهيّة أوحيت إلى الأنبياء بشكل غامض ، أطلقت مفردة «الوحي» عليها ، لأنّ الألفاظ التي نستعملها وضعت لمستلزمات حياتنا اليومية ، فإذا أردنا أن نستعملها في الامور الخارجة عن مستلزمات حياتنا اليومية ، فينبغي توسيع معانيها ، أو تجريدها أو استعمالها في مناسبات خاصة.
يقول الشيخ المفيد قدسسره في «شرح الاعتقادات» : إنّ أصل الوحي يعني الكلام الخفي ، وقد أطلق على كل شيء القصد منه تفهيم المخاطب بشكل يخفى عن الآخرين ، وإذا نسب الوحي إلى الله عزوجل فالمراد به التعاليم والأوامر الإلهيّة التي يُخاطب بها الأنبياء والرسل (٢).
٢ ـ أمّا «الانزال» و «التنزيل» فاشتقتا من مادة «نزول» وتعني ـ في الأصل ـ الهبوط والمجيء من المكان العالي إلى المكان الداني ، وفرقهما عن النزول أنّهما مصدران لفعلين متعديين في حين أنّ النزول مصدر لفعل لازم.
وقد يكتسب الانزال معنىً حسياً مثل ما جاء في هذه الآية : (وَانْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً). (الفرقان / ٤٨)
__________________
(١). مفردات الراغب مادة (وحي).
(٢). سفينة البحار ، ج ٢ ، ص ٦٣٨.