وعلى أيّة حال فإنّ الآية تصرح : إنّ ما رآه الرسول صلىاللهعليهوآله بقلبه قد حدث بالفعل ، وقلبه صادق بما شاهده وغير كاذب.
والتعبير هذا شاهد على مسألة الكشف والشهود الباطني الذي يعتبر أحد مصادر المعرفة للإنسان ، إنسان مثل الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآله ، وقد جاء في تفسير الميزان :
ولا بدع في نسبة الرؤية وهي مشاهدة العيان إلى الفؤاد فإنّ للإنسان نوعاً من الإدراك الشهودي وراء الإدراك باحدى الحواس الظاهره والتخيل والتفكر بالقوى الباطنة كما أننا نشاهد من أنفسنا أننا نرى وليست هذه المشاهدة العيانية ابصاراً بالبصر ولا معلوماً بفكر ، وكذا نرى من أنفسنا أننا نسمع ونشم ونذوق ونلمس ونشاهد أننا نتخيل ونتفكر وليست هذه الرؤية ببصر أو بشيء من الحواس الظاهرة أو الباطنة فإنا كما نشاهد مدركات كل واحدة من هذه القوى بنفس تلك القوة كذلك نشاهد إدراك كل منها لمدركها وليس هذه المشاهدة بنفس تلك القوة بل بأنفسنا المعبر عنها بالفؤاد (١).
وقد صرّح المفسرون : إنّ المراد من الرؤية في الآية هو المشاهدة بالقلب.
وقد جاء في حديث أن سأل أحد صحابة الإمام أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليهالسلام : هل رأى رسول الله صلىاللهعليهوآله ربّه عزوجل؟ فاجابه عليهالسلام «نعم بقلبه ، أما سمعت الله عزوجل يقول : ما كذب الفؤاد ما رأى ، لم يَرَه بالبصر ولكن رآه بالفؤاد» (٢).
بديهي ، أنّ المراد من «الرؤية القلبية» ليس هو الفكر والاستدلال العقلي ، لأنّ هذا أمر لا يختص بالرسول صلىاللهعليهوآله بل يحصل لجميع المؤمنين والموحدين.
* *
وقد خاطبت الآية الرابعة المؤمنين كافة قائلةً : (كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ* لَتَرَوُنَّ الجَحيم) ثم تضيف : (ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ).
________________ __
(١). تفسير الميزان ، ج ١٩ ، ص ٢٩.
(٢). تفسير نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ١٥٣ ، ح ٣٤.