وهناك بحث بين المفسرين في أنّ الرؤية هذه تقع في الدنيا أم في الآخرة؟ أو أنّ الاولى في الدنيا والثانية في الآخرة؟ لكن ظاهر الآية يدل على أنّ الثانية تقع في الآخرة ، بقرينة (ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ) وذلك لأنّه لا سؤال في الدنيا ، وعلى هذا فالرؤية الاولى «رؤية الجحيم» تقع في الدنيا.
وقد جاء في تفسير الميزان : إنّ ظاهر الآية يدل على وقوع رؤية الجحيم قبل يوم القيامة ، بالطبع رؤية قلبية والتي تعد من ثمار الإيمان واليقين ، كما هو الأمر في قصة إبراهيم ورؤيته لملكوت السموات والأرض.
وقد تقدّم أنّ البعض يرى أنّ الرؤية في كلا الموردين تتعلق بيوم القيامة ، ولهذا تكلفوا كثيراً عند بيانهم للفرق بين الرؤيتين ، كما يُشاهد ذلك في كلام المفسر الفخر الرازي (١).
وعلى أيّة حال ، فإنّ الآية تأكيد في ظاهرها على أنّ الإنسان ـ في بعض الحالات ـ تُرفع عن قلبه الحجب فيتمكن من رؤية بعض حقائق عالم الغيب.
* *
والآية الخامسة أشارت إلى طلب الكافرين المُلِح ، حيث كانوا يسألون : لِمَ لَمْ يُنزَّل علينا ملائكة؟ أو لِمَ لَمْ نَرَ الله جهرةً؟ (٢).
ويجيبهم القرآن : (يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَابُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِّلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْراً مَّحْجُوراً). (٢٢ / فرقان)
وهناك خلاف بين المفسرين في المراد من «يوم» في الآية ، فأي يوم هو؟ يعتقد البعض أنّ المراد منه هو يوم القيامة لكن البعض يعتقد ـ مع الالتفات إلى الآيات التي تحدثت عن (ملائكة الموت» ومن ضمنها الآية التالية : (وَلَوْ تَرَى اذِ الظَّالِمُونَ فِى غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمْ ...). (٩٣ / الأنعام)
__________________
(١). تفسير الكبير ، ج ٣٢ ، ص ٨٠.
(٢). الفرقان ، ٢١.