إنّ المراد منه هو لحظات الموت ، أو بعد الموت وقبل يوم القيامة.
وقد نقل هذا الرأي عن ابن عباس (١) ، في حديث عن الإمام الباقر عليهالسلام : «فإذا بلغت الحلقوم ضربت الملائكة وجهه ودبره (قيل اخرجوا أنفسكم اليوم تُجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون) وذلك قوله (يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِّلْمُجْرِمِينَ) (٢).
وطبقاً لهذا التفسير ، فإنّ الإنسان عندما يكون على وشك الموت تُرفع عن قلبه الحُجُب ، فتحصل له حالة الكشف والشهود ، فيرى الملائكة.
* *
والآية السادسة تحدثت عن معركة بدر وأنّ الشيطان زيّن للمشركين أعمالهم وصوَّرها لهم وكأنّهم يحسنون صنعاً ، وذلك كي يكونو أكثر تفاؤلا واملاً بما يقومون به.
ومن جهة اخرى فإنّ عدد وعدة جيش المشركين الذي يقدر بعدة أضعاف المسلمين آنذاك اصطفوا أمام المسلمين ، والشيطان يوسوس لهم وبشكل مستمر بانهم بهذا الجيش المجهز سوف ينتصرون ولا تستطيع أية قوّة أنّ تغلبهم : (لَاغَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَانِّى جَارٌ لَّكُمْ).
وعندما اشتعلت الحرب ونزلت الملائكة لنصرة المسلمين بأمر الله ، تراجع الشيطان ، وقال لهم : (انِّى بَرِىءٌ مِّنْكُمْ انِّى أَرَى مَا لَاتَرَوْنَ انِّى أَخَافُ اللهَ وَاللهُ شَديدُ الْعِقَابِ) لأنّه رأى الامدادات الغيبية وآثار رحمة الله!
وحول هذه الآية انقسم المفسرون إلى قسمين :
القسم الأول يرى أنّ الشيطان متجسم وظهر أمام هؤلاء بصورة إنسان وأخذ يوسوس لهم.
__________________
(١). تفسير الكبير ، ج ٢٤ ، ص ٧٠.
(٢). تفسير البرهان ، ج ٣ ، ص ١٥٨ ، ، ح ١.