وقد قال بعض المفسرين في تفسير هذه الآية :
(وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً) : إنّ عناد هؤلاء الكفرة واصرارهم في معاداة الحق ، يجعل ستاراً على قلوبهم يحول دون إيمانها (١).
وقد تحدثت الآية الثانية عن الحجاب الذي كان يُجعل بين الرسول صلىاللهعليهوآله وبين فريق من المنافقين عندما كان يتلو القرآن الكريم.
وقد فسر البعض هذا الحجاب بستار حقيقي كان يجعله الله بين الرسول الأكرمصلىاللهعليهوآله وبينهم بحيث لا يرونه ، إلّاأنّه مع الالتفات إلى الآيات التي لحقت هذه الآية من نفس السورة ، يتضح لنا أنّ الحجاب لم يكن سوى «حجاب التعصب والعناد والغرور والجهل» الذي كتم حقائق القرآن عن عقولهم وإدراكهم.
والشاهد على ذلك هو قوله تعالى : (وَاذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِى الْقُرآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا) فالمستفاد من هذا التعبير هو أنّهم كانوا يصغون في البداية إلى حديث الرسول صلىاللهعليهوآله ثم يولون مدبرين لعدم سماح العناد لهم لإدراك القرآن ، وإدراك حديث التوحيد.
ونشاهد في نفس السورة تعابير اخرى تحكي روح العناد المتجسمة فيهم ، ومع هذا ، فهل يمكنهم إدراك حقيقة ما؟
وخاطبت الآية الثالثة الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآله قائلة له : إنّك لا تُسمع الموتى ولا الصم عندما يولون مدبرين ، كما أنّك لا تستطيع هداية العمى وانقاذهم من الهلاك ، فما يسمع كلامك إلّاالذين آمنوا بآيات الله وسلموا للحق (أي الذين تتلهف قلوبهم للحق ، فإنّ قلوباً
__________________
(١). تفسير الكبير ، ج ١٢ ، ص ١٨٧.