كهذه كالأرض المعدَّه للزرع ، تسطع عليها الشمس ، وتقطر السماء عليها قطرات الحياة ، فتنمو فيها البذور بسرعة ، وأمّا القلوب التي عطّلتها حُجب التعصب والجهل فانّها محرومة من هذه الحقائق) (١).
والآية الرابعة تحدثت عن أولئك الكفار الذين وقفوا أمام الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله عناداً ، وخالفوا كل ما جاء به ، فكانوا يرمون الرسول والقرآن بالباطل تارة ، وتارة اخرى يقولون : إنّ ما جاء به الرسول سحر وأساطير الأولين ولا مجال للحق فيه : فتحدث في هذه عن هؤلاء وقال : (كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى قُلُوبِ الَّذِيْنَ لَايَعْلَمُونَ). لأنّهم لا يعلمون شيئاً عن هذا الكتاب السماوي الذي هو مصدر للحقائق.
كما أنّ الآية توضح العلاقة بين «الجهل» و «العناد».
وعكست الآية الخامسة النموذج الكامل من العناد ، فما قيل إلى الآن كان خطاباً بين الله ورسوله ، أمّا هنا فهم يعترفون بأنفسهم بأنّ على قلوبهم أكنة ، وفي آذانهم وقراً ، وبينهم وبين رسول الله صلىاللهعليهوآله حجاب لا يسمح لهم إدراك ما يقول والتسليم له ، فاعمل على شاكلتك ونحن عاملون على شاكلتنا.
إنّ هذه التعابير تبين بوضوح ما هو العامل الأساسي لهذه الحجب وما هو السبب الرئيسي للوقر الذي يجعل في الاذن؟ إنّها عبارات يقطر منها التعصب والعناد وتبين سبب شقائهم وتعاستهم.
كما أنّ «التعصب» مشتق من مادة «عصب» وهو في البدن خلايا تسبب اتصال العضلات إحداها بالاخرى أو بالعظام ، والعصب بمثابة الوسيلة لنقل الايعاز إلى المخ ، وبما
__________________
(١). وقد جاء في سورة النمل الآية ١١ مضمون يشبه مضمون هذه الآية.