بالكامل ، وهذا الاختلاف جارٍ حتى بالنسبة للتوأم.
إنّ هذا الاختلاف يسبب ـ من جهة ـ التعارف والاختلاف بين الناس ، لأنّه إذا لم يكن تمايز بين الناس اختل النظام الاجتماعي للحياة ، كما هو الحال بالنسبة للتوأم فالذي يعاشرهم كثيراً يقع في اخطاء تجاههم ، فقد يقدم أحدهم من السفر ويقوم صديقهم بزيارة الآخر الذي لم يسافر ، أو يتمرض احدهم فيزور الآخر وهو صاحٍ ، أو يعطي الابوان الدواء للسليم لعدم التمييز بينهما.
تصوروا ما الذي يحصل لو كان الناس جميعاً متشابهين من جميع الجهات؟!! ومن جهة اخرى ، فإنّ هذا التنوع والاختلاف يسبب انخراط كل مجموعة من الناس في جانب من جوانب الحياة وبهذا الاختلاف في الأذواق والقابليات تسدّ جميع احتياجات البشر الاجتماعية فلا يحصل خللٌ في هذا المجال ، ألم تكن هذه الدقّة العجيبة في هذا النظام من آيات الله؟!
والجدير بالذكر أنّ المفسرين ذكروا احتمالات عديدة في تفسير (اختلاف الألسنة) فتارة قالوا : إنّ المراد منه هو الاختلاف في اللغة ، حيث نعلم أنّ اللغات الموجودة حالياً أكثر من ألف لغة ، وهذا التنوع الذي لا نريد الخوض في تفصيلاته فعلاً ، جيد لتتعرف الأقوام المختلفة على بعضها البعض.
وتارة قالوا : إنّ المراد هو اللهجات وكيفية حديث الأشخاص التي تختلف من شخص إلى آخر اختلافاً كبيراً ، فلكلٍ منطق وأسلوب في البيان يعبّر عن شخصيته.
وتارة قالوا : إنّ المراد هو الأصوات أو ما يصطلح عليه ب «الذبذبات الصوتية» التي تختلف عند الأشخاص اختلافاً فاحشاً ، ولهذا فإنّ الأعمى يميز الأشخاص من أصواتهم ، كما أنّ البصير يميزهم من وجوههم.
ومن هنا يتضح أنّ اقتران اختلاف الألسنة والألوان بخلق السموات والأرض في الآية هو لأجل الإشارة إلى أنّ جميع موجودات العالم ـ صغيرها وكبيرها ، وأبسطها وأعقدها ـ بحسب الظاهر ـ تحكمها قوانين وأنظمة دقيقة ، و. هي آيات لعلم الله وقدرته وينبغي الإشارة