والنجوم وأوهام وخرافات اخرى ، ولا يدركون الأسباب الحقيقية له (١).
إضافة إلى هذا ، فإنّ الإنسان لا يقطع بالعذاب الدنيوي ما لم يقطع بالعذاب الاخروي ، لأنّ كليهما وليد شيء واحد وهو معرفة الله ومعرفة عدالته.
إنّ جملة «وهي ظالمة» تلميح إلى أنّ الأخذ والدمار كان بسبب ظلم تلك القرى ، وبتعبير آخر : فإنّ جميع الانحرافات العقائدية والسلوكية داخلة في مفردة الظلم.
* *
والآية الثانية بعدما أشارت إلى آيات الله في السموات والأرض : وبيان قدرته على كلّ شيء أكّدت بأنّ اللهَ لم يعجز عن عذاب أولئك العصاة الذين سخروا بآيات الله واتهموا الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآله بالجنون ، واعتبروا المعاد محالاً ، إنْ شئنا خسفنا بهم الأرض ، أو أسقطنا عليهم من السماء أحجاراً سماوية : (إِنْ نَّشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِّنَ السَّمَاءِ).
إنّ (كِسَف) جمع كِسْف ويعني القماش المقطّع قطعاً قطعاً ، وقد استعملت هذه المفردة هنا إشارة إلى بعض الكرات السماوية التي تنفجر تحت ظروف خاصة وتتحول إلى قطعٍ متعددة تسبح في السماء ، وإذا ما دخلت في مدار الأرض ، تحولت (بايعاز من الله) إلى أمطار من حجر ، أو سقطت على وجه الأرض بصورة قِطَع حجرية كبيرة ، كلٌّ منها يمكنها تدمير منطقة واسعة من سطح الأرض ، كما أنّ العلماء اكتشفوا نماذَج من هذه الكُتَل الحجرية في منطقة «سيبيريا».
ثم قالت الآية في النهاية : (إِنَّ فِى ذلِكَ لَآيَةً لِّكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ) أي لكل عبد راجعٍ الله وخائف من عذابه ومتخذ سبيل التوبة.
المسلم هو أنّ هذه الآيات عامة لجميع البشر ، لكن لا ينتفع بها إلّامن خاف الله وشعر بالمسؤولية (٢).
__________________
(١). لقد اشير إلى هذا الأمر في التفاسير التالية : تفسير روح المعاني ، ج ١٢ ، ص ١٢٣ ؛ تفسير الكبير ، ج ١٨ ، ص ٥٨ ؛ تفسير روح البيان ، ج ٤ ، ص ١٨٥.
(٢). تفسير القرطبي ، ج ٨ ، ص ٥٣٤٦.