تُرْجَعُونَ) أي : تردون عند البعث ، فيجزيكم بكفركم. ثم أنكر اتخاذ الأصنام وعبادتهم ، فقال : (أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً) اعبدهم (إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمنُ بِضُرٍّ) أي : إن أراد الله إهلاكي ، والإضرار بي (لا تُغْنِ عَنِّي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً) أي : لا تدفع ، ولا تمنع شفاعتهم عني شيئا ، والمعنى لا شفاعة لهم فتغني (وَلا يُنْقِذُونِ) أي : ولا يخلصوني من ذلك الهلاك ، أو الضرر والمكروه (إِنِّي إِذاً لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) أي : إني إن فعلت ذلك في عدول عن الحق واضح. والوجه في هذا الاحتجاج أن العبادة لا يستحقها إلا الله سبحانه المنعم بأصول النعم ، وبما لا توازيه نعمة منعم : (إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ) الذي خلقكم وأخرجكم من العدم إلى الوجود : (فَاسْمَعُونِ) أي : فاسمعوا قولي واقبلوه ، وقيل : إنه خاطب بذلك الرسل أي : فاسمعوا ذلك مني حتى تشهدوا لي به عند الله ، قال : ثم إن قومه لما سمعوا ذلك القول منه ، وطأوه بأرجلهم حتى مات ، فأدخله الله الجنة ، وهو حي فيها يرزق ، وهو قوله (قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ) وقيل : رجموه حتى قتلوه. وقيل : إن القوم لما أرادوا أن يقتلوه ، رفعه الله إليه ، فهو في الجنة لا يموت إلا بفناء الدنيا ، وهلاك الجنة ، وقال : إن الجنة التي دخلها يجوز هلاكها. وقيل : إنهم قتلوه إلا أن الله سبحانه أحياه ، وأدخله الجنة ، فلما دخلها (قالَ يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِما غَفَرَ لِي رَبِّي) تمنى أن يعلم قومه بما أعطاه الله تعالى من المغفرة ، وجزيل الثواب ، ليرغبوا في مثله ، وليؤمنوا لينالوا ذلك.
(وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ) أي : من المدخلين الجنة. والإكرام هو إعطاء المنزلة الرفيعة على وجه التبجيل والإعظام. وفي هذا دلالة على نعيم القبر ، لأنه إنما قال ذلك وقومه أحياء ، وإذا جاز نعيم القبر جاز عذاب القبر ، فإن الخلاف فيهما واحد. وما : في قوله (بِما غَفَرَ لِي رَبِّي) مصدرية ، والمعنى بمغفرة الله لي. ويجوز أن يكون معناه : بالذي غفر لي به ربي ، فيكون اسما