فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى) فبين أنه هداهم إلى الحق وإن اختاروا هم الضلال (١).
* س ٦ : ما هو معنى قوله تعالى :
(وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كانَ خَيْراً ما سَبَقُونا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هذا إِفْكٌ قَدِيمٌ (١١) وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً وَهذا كِتابٌ مُصَدِّقٌ لِساناً عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرى لِلْمُحْسِنِينَ (١٢) إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (١٣) أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) (١٤) [سورة الأحقاف : ١١ ـ ١٤]؟!
الجواب / قال الشيخ الطوسي : أخبر الله تعالى عن الكفار الذين جحدوا وحدانية الله وكذبوا نبيه محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم أنهم قالوا (لِلَّذِينَ آمَنُوا) وصدقوا رسوله (لَوْ كانَ) هذا الذي يدعوننا هؤلاء المسلمون إليه : محمد ومن اتبعه (خَيْراً) أي نفعا عاجلا أو آجلا يظهر لنا ذلك (ما سَبَقُونا) يعني الكفار الذين آمنوا به (إِلَيْهِ) أي إلى اتباعه لأنا كنا بذلك أولى وبه أجرى ، وحكى أن أسلم وغفار وجهينة ومزينة لما أسلموا قال بنو عامر ابن صعصعة وغطفان وأسد وأشجع هذا القول ، فحكاه الله. والسبق المصير إلى الشيء قبل غيره ، وكذلك السابق إلى الخير والتابع فيه ، فقال الله تعالى (وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ) يعني هؤلاء الكفار بهذا القرآن ولا استبصروا به ولا حصل لهم العلم بأنه مرسل داع إلى الله (فَسَيَقُولُونَ هذا إِفْكٌ قَدِيمٌ) أي كذب متقدم حيث لم يهتدوا به ، وصفه بالقديم للمبالغة في التقدم أي ليس أول من ادعى الكذب في ذلك بل قد تقدم أشباهه. والقديم في عرف اللغة هو المتقدم الوجود ، وفي عرف المتكلمين
__________________
(١) التبيان : ج ٩ ، ص ٢٧١ ـ ٢٧٢.