خيرهما ، ثم يلبس الآخر ، فإذا جاز أصابعه قطعه ، وإذا جاز كعبه حذفه ، ولقد ولي خمس سنين ما وضع آجرة على آجرة ، ولا لبنة على لبنة ولا أورث بيضاء ولا حمراء ، وإن كان ليطعم الناس خبز البر واللحم وينصرف إلى منزله يأكل خبز الشعير والزيت والخل ، وما ورد عليه أمران كلاهما لله عزوجل رضا إلا أخذ بأشدهما على بدنه ، ولقد أعتق ألف مملوك من كد يمينه ، تربت منه يداه وعرق فيه وجهه ، وما أطاق عمله أحد من الناس ، وإن كان ليصلي في اليوم والليلة ألف ركعة ، وإن كان أقرب الناس شبها به علي بن الحسين عليهماالسلام ، وما أطاق عمله أحد من الناس بعده.
ثم إنه اشتهر في الرواية أنه عليهالسلام ، لما دخل على العلاء بن زياد بالبصرة يعوده. قال له العلاء : يا أمير المؤمنين ، أشكو إليك أخي عاصم بن زياد لبس العباءة ، وتخلى من الدنيا. فقال عليهالسلام : «عليّ به. فلما جاء ، قال : «يا عدي نفسه ، لقد استهام بك الخبيث ، أما رحمت أهلك وولدك ، أترى الله أحل لك الطيبات وهو يكره أن تأخذها! أنت أهون على الله من ذلك. قال : يا أمير المؤمنين ، هذا أنت في خشونة ملبسك وجشوبة مأكلك ، قال : «ويحك إني لست كأنت ، إن الله تعالى فرض على أئمة الحق أن يقدروا أنفسهم بضعفة الناس كيلا يتبيّغ بالفقير فقره (١) (٢).
* س ١٢ : ما هو معنى قوله تعالى :
(وَاذْكُرْ أَخا عادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللهَ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ)(٢١) [سورة الأحقاف : ٢١]؟!
الجواب / قال الشيخ الطوسي : يقول الله تعالى لنبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم (وَاذْكُرْ) يا
__________________
(١) أي يهيج به ويغلبه حتى يقهره.
(٢) مجمع البيان : ج ٩ ، ص ١٣٣.