ينبغي أن نتصور الحوادث التي هي بمثابة كفّارة لأعمالنا وسيآتنا غالبا على أنّها مرتبطة بتأثير الأيّام ونبرّىء أنفسنا منها ، ولعلّ هذا البيان أفضل طريق للجمع بين الأخبار المختلفة في هذا الباب.
* س ٦ : ما هو معنى قوله تعالى :
(تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ)(٢٠) [سورة القمر : ٢٠]؟!
الجواب / قال وهب بن منبه : أن الريح العقيم تحت هذه الأرض التي تحت هذه الأرض التي نحن عليها ، قد زمت بسبعين ألف زمام من حديد ، قد وكل بكل زمام سبعون ألف ملك ، فلما سلطها الله عزوجل على عاد ، استأذنت خزنة الريح ربها عزوجل أن يخرج منها في مثل منخري الثور ، ولو أذن الله عزوجل لها ما تركت شيئا على ظهر الأرض إلا أحرقته ، فأوحى الله عزوجل إلى خزنة الريح : أن أخرجوا منها مثل ثقب الخاتم فأهلكوا بها. وبها ينسف الله عزوجل الجبال نسفا ، والتلال الآكام والمدائن والقصور يوم القيامة ، وذلك قوله عزوجل : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً فَيَذَرُها قاعاً صَفْصَفاً لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً)(١) ، والقاع : الذي لا نبات فيه ، والصفصف : الذي لا عوج فيه ، والأمت : المرتفع ، وإنما سميت العقيم لأنها تلقحت بالعذاب ، وتعقمت عن الرحمة كتعقم الرجل إذا كان عقيما لا يولد له ، وطحنت تلك القصور والمدائن والمصانع ، حتى عاد ذلك كله رملا رقيقا تسفيه الريح ، فذلك قوله عزوجل : (ما تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ)(٢).
وإنما كثر الرمل في تلك البلاد ، لأنّ الريح طحنت تلك البلاد وعصفت
__________________
(١) طه : ١٠٥ ـ ١٠٧.
(٢) الذاريات : ٤٢.