عبد! هل تدري من أين أحدثت بنو إسرائيل الرهبانية؟ فقلت : الله ورسوله أعلم. فقال : ظهرت عليهم الجبابرة بعد عيسى ، يعملون بمعاصي الله ، فغضب أهل الإيمان ، فقاتلوهم فهزم أهل الإيمان ثلاث مرات ، فلم يبق منهم إلا القليل فقالوا : إن ظهرنا لهؤلاء أفنونا ، ولم يبق للدين أحد يدعو إليه ، فتعالوا نتفرق في الأرض إلى أن يبعث الله النبي الذي وعدنا به عيسى عليهالسلام ، يعنون محمدا صلىاللهعليهوآلهوسلم. فتفرقوا في غيران الجبال ، وأحدثوا رهبانية ، فمنهم من تمسك بدينه ، ومنهم من كفر. ثم تلا هذه الآية : (وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ) إلى آخرها. ثم قال : يا بن أم عبد! أتدري ما رهبانية أمتي؟ قلت : الله ورسوله أعلم. قال : الهجرة ، والجهاد ، والصلاة ، والصوم ، والحج ، والعمرة. وعن ابن مسعود قال : دخلت على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : يا بن مسعود! اختلف من كان قبلكم على اثنتين وسبعين فرقة ، نجا منها اثنتان ، وهلك سائرهن. فرقة قاتلوا الملوك على دين عيسى عليهالسلام ، فقتلوهم. وفرقة لم تكن لهم طاقة لموازاة الملوك ، ولا أن يقيموا بين ظهرانيهم ، يدعونهم إلى دين الله تعالى ، ودين عيسى عليهالسلام ، فساحوا في البلاد ، وترهبوا ، وهم الذين قال الله لهم (وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ) ثم قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من آمن بي ، وصدقني ، واتبعني ، فقد رعاها حق رعايتها ، ومن لم يؤمن بي ، فأولئك هم الهالكون (١).
* س ٢٣ : ما هو معنى قوله تعالى :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)(٢٨) [سورة الحديد : ٢٨]؟!
الجواب / قال أبو الجارود : قلت لأبي جعفر عليهالسلام : لقد آتى الله أهل
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٩ ، ص ٤٠٣ ـ ٤٠٤.