هو الموجود الذي لا أول لوجوده. ثم قال تعالى (وَمِنْ قَبْلِهِ) يعني من قبل القرآن (كِتابُ مُوسى) يعني التوراة (إِماماً وَرَحْمَةً) أي جعلناه إماما ورحمة وأنزلناه إماما يهتدى به ورحمة أي نعمة على الخلق. ثم قال (وَهذا) يعني القرآن (كِتابٌ مُصَدِّقٌ) لذلك الكتاب (لِساناً عَرَبِيًّا) نصبه على الحال ، ويجوز أن يكون حالا من هذا الكتاب ويجوز أن يكون حالا لما في (مُصَدِّقٌ) من الضمير. وقوله (لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا) أي ليخوفهم ، ويعلمهم استحقاق العقاب على المعاصي واستحقاق الثواب على الطاعات. فمن قرأ بالتاء جاز أن يكون خطابا للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ويجوز أن يكون ردا على اللسان على ما قدمناه ، وهو مؤنث. ومن قرأ بالياء رده إلى الكتاب الذي هو القرآن. وقوله (بُشْرى لِلْمُحْسِنِينَ) معناه أن يكون هذا القرآن بشارة لمن فعل الصالحات واختار الحسنات ، ويجوز في (بُشْرى) أن يكون رفعا عطفا على (مُصَدِّقٌ) ويجوز أن يكون نصبا لوقوعه موقع «وبشيرا فيكون حالا ، كما تقول : أتيتك لأزورك وكرامة لك وقضاء لحقك. ثم أخبر تعالى (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا) بلسانهم (رَبُّنَا اللهُ) واعتقدوا ذلك بقلوبهم (ثُمَّ اسْتَقامُوا) على ذلك لم يعدلوا عنه (فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) من العقاب في الآخرة (وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) من أهوال القيامة. ثم أخبر عنهم فقال (أُولئِكَ) يعني من تقدم ذكرهم (أَصْحابُ الْجَنَّةِ) أي الملازمون لها (خالِدِينَ فِيها جَزاءً) لهم (بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) في الدنيا من الطاعات (١).
* س ٧ : ما هو معنى قوله تعالى :
(وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ
__________________
(١) التبيان : ج ٩ ، ص ٢٧٣ ـ ٢٧٤.