يتلاومون ، أي : يلوم بعضكم بعضا على التفريط في طاعة الله. (إِنَّا لَمُغْرَمُونَ) أي تقولون : إنا لمغرمون. والمعنى : إنا قد ذهب مالنا كله ، ونفقتنا ، وضاع وقتنا ، ولم نحصل على شيء. وقيل : معناه إنا لمعذبون مجدودون (١) عن الحظ.
وفي رواية : إنا لمولع بنا. وفي رواية أخرى : إنا لملقون في الشر. وقيل محارفون ، ومن قرأء إنا على الاستفهام حمله على أنهم يقومون فيقولون منكرين لذلك. ومن قرأ (إِنَّا) على الخبر حمله على أنهم مخبرون بذلك عن أنفسهم. ثم يستدركون فيقولون : (بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ) أي مبخوسو الحظ ، محارفون ممنوعون من الرزق والخير. ثم قال سبحانه ، منبها على دلالة أخرى : (أَفَرَأَيْتُمُ الْماءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ) أي من السحاب (أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ).
نعمة منا عليكم ، ورحمة بكم ، ثم قال : (لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً) أي مرا شديد المرارة (٢). وقيل : هو الذي اشتدت ملوحته. (فَلَوْ لا تَشْكُرُونَ) أي فهلا تشكرون على هذه النعمة السنية التي لا يقدر عليها أحد غير الله (٣).
* س ١٤ : ما هو معنى قوله تعالى :
(أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ (٧١) أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ (٧٢) نَحْنُ جَعَلْناها تَذْكِرَةً وَمَتاعاً لِلْمُقْوِينَ (٧٣) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) (٧٤) [سورة الواقعة : ٧١ ـ ٧٤]؟!
الجواب / قال علي بن إبراهيم القمي : في قوله تعالى : (أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ
__________________
(١) في سائر النسخ محدودون بالمهملة. وجد النخل بالجيم أي : صرمه وقطعه. وحد الله عنا الشر أي : كفه وصرفه.
(٢) قال أبو جعفر عليهالسلام ، في قوله تعالى : (وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ) : أي : المرّ.
(٣) مجمع البيان : ج ٩ ، ص ٣٧١ ـ ٣٧٣.