[أقول : وفي الآية اللاحقة يبيّن الله سبحانه وتعالى توضيحا أكثر حول هذا الموضوع ويذكر أن هؤلاء يخرجون من القبور في حالة : (خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ).
نسبة «الخشوع هنا للأبصار لأن المشهد مرعب ومخيف إلى حدّ لا تستطيع الأنظار رؤيته ، لذلك فإنها تتحوّل عنه وتطرّق نحو الأسفل.
والتشبيه هنا ب «الجراد المنتشر لأنّ النشور في يوم الحشر يكون بصورة غير منتظمة لحالة الهول التي تعتري الناس فيه ، كما هي حركة انتشار الجراد التي تتمثّل فيها الفوضى والاضطراب خلافا للقسم الأكبر من حركة الطيور التي تطير وفق نظم خاصّة في الجو ، مضافا إلى أنّهم كالجراد من حيث الضعف وعدم القدرة.
نعم ، إنّ حالة هؤلاء الفاقدين للعلم والبصيرة ، حالة ذهول ووحشة وتخبّط في المسير كالسكارى يرتطم بعضهم ببعض فاقدين للوعي والإرادة كما في قوله تعالى : (وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى)(١). والحقيقة أن هذا التشبيه هو ما ورد أيضا في الآية (٤) من سورة القارعة حيث يقول سبحانه : (يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ)].
* س ٤ : ما هو معنى قوله تعالى :
(مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكافِرُونَ هذا يَوْمٌ عَسِرٌ (٨) كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنا وَقالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ (٩) فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ) (١٠) [سورة القمر : ٨ ـ ١٠]؟!
الجواب / أقول : قوله تعالى : (مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ) فإن كلمة «مهطعين تأتي من مادة (إهطاع) أي مدّ الرقبة ، والبعض يرجعها إلى النظر بانتباه أو
__________________
(١) الحج : ٢.