* س ٢ : ما هو معنى قوله تعالى :
(سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١) لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٢) [سورة الحديد : ١ ـ ٢]؟!
الجواب / قال الشيخ الطوسي : يقول الله تعالى مخبرا أن جميع ما في السماوات والأرض يسبح له ، وقد بينا في غير موضع معنى التسبيح وأنه التنزيه له عن الصفات التي لا تليق به. فمن كان من العقلاء عارفا به فإنه يسبحه لفظا ومعنى ، وما ليس بعاقل من سائر الحيوان والجمادات فتسبيحها ما فيها من الآية الدالة على وحدانيته وعلى الصفات التي باين بها جميع خلقه ، وما فيها من الحجج على أنه لا يشبه خلقه وأن خلقه لا يشبهه ، ذلك بالتسبيح. وإنما كرر ذكر التسبيح في غير موضع من القرآن لانعقاده لمعان مختلفة لا ينوب بعضها مناب بعض ، فمن ذلك قوله : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ)(١) فهذا تسبيح بحمد الله وأما (سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) فهو تسبيح بالله (الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) فكل موضع ذكر فيه فلعقده بمعنى لا ينوب عنه غيره منابه ، وإن كان مخرج الكلام على الإطلاق و (الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) معناه المنيع بأنه قادر لا يعجزه شيء العليم بوجوه الصواب في التدبير ، ولا تطلق صفة (الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) إلا فيه تعالى ، لأنه على هذا المعنى. وقوله (لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) إخبار بأن له التصرف في جميع ما في السماوات والأرض وليس لأحد منعه منه ولا أن أحدا ملكه ذلك وذاك هو الملك الأعظم ، لأن كل ما عداه فما يملكه ، فإن الله هو الذي ملكه إياه ، وله منعه منه. وقوله (يُحْيِي وَيُمِيتُ) معناه يحيي الموات ، لأنه يجعل النطفة وهي جماد حيوانا ويحييها بعد موتها يوم القيامة ، ويميت الأحياء إذا بلغوا آجاله
__________________
(١) الإسراء : ٤٤.