(لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا) واللام في (لِيَجْزِيَ) تتعلق بمعنى الآية الأولى ، لأنه إذا كان أعلم بهم ، جازى كلا منهم بما يستحقه ، وذلك لام العاقبة ، وذلك أن علمه بالفريقين أدى إلى جزائهم باستحقاقهم. وإنما يقدر على مجازاة المحسن والمسيء ، إذا كان كثير الملك ، ولذلك أخبر به في قوله (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ) في الآخرة (الَّذِينَ أَساؤُا) أي أشركوا بما عملوا من الشرك. (وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا) أي وحدوا ربهم (بِالْحُسْنَى) أي الجنة. وقيل : إن اللام (لِيَجْزِيَ) يتعلق بما في قوله (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) لأن المعنى في ذلك : إنه خلقهم ليتعبدهم ، فمنهم المحسن ، ومنهم المسيء. وإنما كلفهم ليجزي كلا منهم بعلمه عمله. فتكون اللام للغرض (١).
* س ٦ : ما هو معنى قوله تعالى :
(الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ إِلاَّ اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى) (٣٢) [سورة النّجم : ٣٢]؟!
الجواب / قال أبو جعفر الثاني عليهالسلام : [«سمعت أبي] يقول : سمعت أبي موسى بن جعفر عليهالسلام يقول : دخل عمرو بن عبيد على أبي عبد الله عليهالسلام ، فلما سلّم وجلس تلا هذه الآية (الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ) ثم أمسك ، فقال له أبو عبد الله عليهالسلام : ما أسكتك؟ قال : أحب أن أعرف الكبائر من كتاب الله عزوجل.
فقال : نعم ـ يا عمرو ـ وأكبر الكبائر الشرك بالله ، يقول الله : (مَنْ
__________________
(١) نفس المصدر : ص ٢٩٨.