الأغنياء محتاجا إلى أفقر الفقراء في ضرب من الضروب ، إما سلعة معه ليست معه ، وإما خدمة يصلح لها ؛ لا يتهيأ لذلك الملك إلا أن يستعين به ، وإما باب من العلم والحكم هو فقير أن يستفيدها من هذا الفقير ، وهذا الفقير يحتاج إلى مال ذلك الملك الغني ، وذلك الملك يحتاج إلى علم ذلك الفقير أو رأيه أو معرفته ، ثم ليس للملك أن يقول : هلا أجمع إلى ملكي ومالي علمه ورأيه؟ ولا لذلك الفقير أن يقول : هلا أجمع إلى رأيي وعلمي وما أتصرف فيه من فنون الحكم مال هذا الغني؟ ثم قال تعالى : (وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا) ، ثم قال : يا محمد (وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) يجمعه هؤلاء من أموال الدنيا (١).
* س ٩ : ما هو معنى قوله تعالى :
(وَلَوْ لا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَمَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ (٣٣) وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْواباً وَسُرُراً عَلَيْها يَتَّكِؤُنَ (٣٤) وَزُخْرُفاً وَإِنْ كُلُّ ذلِكَ لَمَّا مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ (٣٥) وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (٣٦) وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ)(٣٧) [سورة الزخرف : ٣٣ ـ ٣٧]؟!
الجواب / قال سعيد بن المسيب : سألت علي بن الحسين عليهالسلام عن قول الله عزوجل : (وَلَوْ لا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً) ، قال : «عنى بذلك أمة محمد أن يكونوا على دين واحد كفارا كلهم (لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَمَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ) ولو فعل ذلك بأمة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم لحزن المؤمنون وغمّهم ذلك ، ولم يناكحوهم ولم يوارثوهم (٢).
__________________
(١) تفسير الإمام العسكري عليهالسلام : ص ٥٠٠ ، ح ٣١٤.
(٢) علل الشرائع : ص ٥٨٩ ، ح ٣٣.