* س ٨ : ما هو معنى قوله تعالى :
(وَفِي مُوسى إِذْ أَرْسَلْناهُ إِلى فِرْعَوْنَ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ (٣٨) فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقالَ ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (٣٩) فَأَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ (٤٠) وَفِي عادٍ إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ (٤١) ما تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلاَّ جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ (٤٢) وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ (٤٣) فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ (٤٤) فَمَا اسْتَطاعُوا مِنْ قِيامٍ وَما كانُوا مُنْتَصِرِينَ (٤٥) وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ) (٤٦) [سورة الذاريات : ٣٨ ـ ٤٦]؟!
الجواب / قال الشيخ الطبرسي : ثم بين سبحانه ما نزل بالأمم فقال : (وَفِي مُوسى) أي وفي موسى أيضا آية (إِذْ أَرْسَلْناهُ إِلى فِرْعَوْنَ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) أي بحجة ظاهرة وهي العصا (فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ) أي فأعرض فرعون عن قبول الحق ، بما كان يتقوى به من جنده وقومه ، كالركن الذي يقوى به البنيان. والباء في قوله (بِرُكْنِهِ) للتعدية أي جعلهم يتولون (وَقالَ) لموسى (ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ) أي هو ساحر أو مجنون. وفي ذلك دلالة على جهل فرعون ، لأن الساحر هو اللطيف الحيلة ، وذلك ينافي صفة المجنون المختلط العقل ، فكيف يوصف شخص واحد بهاتين الصفتين. (فَأَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِ) أي فطرحناهم في البحر ، كما يلقى الشيء في البر. (وَهُوَ مُلِيمٌ) أتى بما يلام عليه من الكفر والجحود والعتو. (وَفِي عادٍ) عطف على ما تقدم أي : وفي عاد أيضا آية أي دلالة فيها عظة وعبرة. (إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ) أي : حين أطلقنا عليهم (الرِّيحَ الْعَقِيمَ) وهي التي عقمت عن أن تأتي بخير من تنشئة سحاب ، أو تلقيح شجر ، أو تذرية طعام ، أو نفع حيوان ، فهي كالمرأة الممنوعة عن الولادة ، إذ هي ريح الإهلاك. ثم وصفها فقال : (ما تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ) أي لم تترك هذه الريح شيئا تمر عليه (إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ) أي كالشيء الهالك البالي ، وهو نبات الأرض إذا يبس وديس.