شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ) أي ثم جعلناك يا محمد على دين ومنهاج وطريقة. يعني : بعد موسى وقومه ، والشريعة : السنة التي من سلك طريقها أدته إلى البغية ، كالشريعة التي هي طريق إلى الماء ، فهي علامة منصوبة على الطريق من الأمر ، والنهي يؤدي إلى الجنة ، كما يؤدي ذلك إلى الوصول إلى الماء. (فَاتَّبِعْها) أي : اعمل بهذه الشريعة (وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) الحق ، ولا يفصلون بينه وبين الباطل ، من أهل الكتاب الذين غيروا التوراة اتباعا لهواهم ، وحبا للرئاسة ، واستتباعا للعوام ، ولا المشركين الذين اتبعوا أهواءهم في عبادة الأصنام (إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللهِ شَيْئاً) أي لن يدفعوا عنك شيئا من عذاب الله إن اتبعت أهواءهم. (وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) يعني. إن الكفار بأجمعهم متفقون على معاداتك ، وبعضهم أنصار بعض عليك (وَاللهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ) أي ناصرهم وحافظهم ، فلا تشغل قلبك بتناصرهم وتعاونهم عليك ، فإن الله ينصرك عليهم ويحفظك (هذا بَصائِرُ لِلنَّاسِ) أي هذا الذي أنزلته عليك من القرآن بصائر ، أي معالم في الدين ، وعظات وعبر للناس ، يبصرون بها من أمور دينهم (وَهُدىً) أي دلالة واضحة (وَرَحْمَةٌ) أي ونعمة من الله (لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) بثواب الله وعقابه ، لأنهم هم المنتفعون به (١).
* س ٨ : ما هو معنى قوله تعالى :
(أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ ساءَ ما يَحْكُمُونَ (٢١) وَخَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (٢٢) أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ وَأَضَلَّهُ اللهُ عَلى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٩ ، ص ١٢٦ ـ ١٢٧.