قوله تعالى : (بِسُلْطانٍ) أي بحجّة (١).
أقول : وقيل قوله : (يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) للفرار من العقاب الإلهي (فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ) أي بقوّة إلهية ، في حين أنّكم فاقدون لمثل هذه القوة والقدرة.
ويخاطب سبحانه هاتين المجموعتين «الجنّ والإنس بقوله : (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ). والتهديد هنا لطف إلهي أيضا ، فبالرغم من أنه يحمل تهديدا ظاهريا ، إلا أنه عامل للتنبيه والإصلاح والتربية ، حيث إن وجود المحاسبة في كل نظام هو نعمة كبيرة.
* س ١١ : ما هو معنى قوله تعالى :
(يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ مِنْ نارٍ وَنُحاسٌ فَلا تَنْتَصِرانِ (٣٥) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)(٣٦) [سورة الرحمن : ٣٥ ـ ٣٦]؟!
الجواب / أقول : ما ورد في الآية الأولى تأكيد لما تقدّم ذكره في الآيات السابقة ، والذي يتعلق بعدم قدرة الجنّ والإنس من الفرار من يد العدالة الإلهية حيث يقول سبحانه : (يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ مِنْ نارٍ وَنُحاسٌ فَلا تَنْتَصِرانِ).
«شواظ كما ذكر الراغب في المفردات ، وابن منظور في لسان العرب ، وكثير من المفسرين أنه بمعنى (الشعلة العديمة الدخان) وفسّرها آخرون بأنها (ألسنة النار) التي تقتطع من النار نفسها حسب الظاهر ، وتكون خضراء اللون. وعلى كلّ حال فإن هذا التعبير يشير إلى شدة حرارة النار.
و «نحاس بمعنى الدخان أو «الشعل ذات اللون الأحمر مصحوبة بالدخان والتي تكون بلون النحاس ، وفسّرها البعض بأنها (النحاس
__________________
(١) تفسير القمي : ج ٢ / ٧٧ ، و ٣٤٥.