فهاتان جنّتان للمؤمنين والسابقين ... (١).
ومرة أخرى : وبعد ذكر هذه النعم العظيمة يخاطب الجميع بقوله : (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ).
* س ١٦ : ما هو معنى قوله تعالى :
(ذَواتا أَفْنانٍ (٤٨) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٤٩) فِيهِما عَيْنانِ تَجْرِيانِ (٥٠) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٥١) فِيهِما مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ زَوْجانِ (٥٢) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٥٣) مُتَّكِئِينَ عَلى فُرُشٍ بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ (٥٤) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٥٥) [سورة الرحمن : ٤٨ ـ ٥٥]؟!
الجواب / قال الشيخ الطبرسي : ثم وصف الجنتين فقال : (ذَواتا أَفْنانٍ) أي ذواتا ألوان من النعيم. وقيل : ذواتا ألوان من الفواكه ، وقيل : ذواتا أغصان ، أي : ذواتا أشجار ، لأن الأغصان لا تكون إلا من الشجر. فدل بكثرة أغصانها على كثرة أشجارها ، وبكثرة أشجارها على تمام حالها ، وكثرة ثمارها ، لأن البستان إنما يكمل بكثرة الأشجار. والأشجار لا تحسن إلا بكثرة الأغصان. (فِيهِما عَيْنانِ تَجْرِيانِ) أي : في الجنتين عينان من الماء تجريان بين أشجارهما. وقيل : عينان إحداهما السلسبيل ، والأخرى التسنيم. وقيل : إحداهما من ماء غير آسن ، والأخرى من خمر لذة للشاربين. (فِيهِما مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ زَوْجانِ) أي : في كلتا الجنتين من كل ثمرة نوعان ، وضربان متشاكلان ، كتشاكل الذكر والأنثى. فلذلك سماهما زوجين ، وذلك كالرطب واليابس من العنب والزبيب ، والأخرى واليابس من التين ، وكذلك سائر الأنواع لا يقصر يابسه عن رطبه في الفضل والطيب. وقيل : معناه فيهما من كل نوع من الفاكهة ضربان ، ضرب معروف ، وضرب من شكله غريب ، لم
__________________
(١) الاختصاص : ص ٣٥٦.