فقال : (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنا وَقالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ) أي آذوه وأرادوا رجمه (١).
أقول : ثم يضيف تعالى أن نوح عندما يئس من هداية قومه تماما ، (فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ) والغلبة الذكورة في الآية الكريمة لم تكن غلبة في الحجّة والدليل أو البرهان على عدم صحّة الدعوة ، وإنما كانت تتجسّد بالظلم والجناية والتكذيب والإنكار وأنواع الزجر والضغوط ... ولهذا فإنّ هؤلاء القوم لا يستحقّون البقاء ، فانتقم لنا منهم وانصرنا عليهم.
وقال الطبرسي في (الاحتجاج) : روي أن أمير المؤمنين عليهالسلام كان جالسا في بعض مجالسه بعد رجوعه من النّهروان ، فجرى الكلام حتى قيل له : لم لا حاربت أبا بكر وعمر كما حاربت طلحة والزبير ومعاوية؟
فقال علي عليهالسلام : «إني كنت لم أزل مظلوما مستأثرا على حقي. فقام إليه الأشعث بن قيس فقال : يا أمير المؤمنين. لم لم تضرب بسيفك ، ولم تطلب بحقّك؟ فقال : «يا أشعث ، قد قلت قولا فاسمع الجواب وعه ، واستشعر الحجّة ، إن لي أسوة بستة من الأنبياء (صلوات الله عليهم أجمعين).
أولهم : نوح حيث قال : رب (أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ) فإن قال قائل : إنه قال هذا لغير خوف فقد كفر ، وإلّا فالوصي أعذر (٢).
* س ٥ : ما هو معنى قوله تعالى :
(فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ (١١) وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (١٢) وَحَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ (١٣) تَجْرِي بِأَعْيُنِنا جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ (١٤) وَلَقَدْ تَرَكْناها آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (١٥) فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ (١٦) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا
__________________
(١) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٣٤١.
(٢) الاحتجاج : ص ١٨٩.