لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى) (٣١) [سورة النّجم : ٢٧ ـ ٣١]؟!
الجواب / قال الشيخ الطبرسي : ثم ذم سبحانه مقالتهم فقال : (إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ) أي لا يصدقون بالبعث والثواب والعقاب. (لَيُسَمُّونَ الْمَلائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثى) حين زعموا أنهم بنات الله (وَما لَهُمْ بِهِ) أي بتلك التسمية (مِنْ عِلْمٍ) أي ما يستيقنون أنهم إناث ، وليسوا عالمين. (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَ) الذي يجوز أن يخطىء ويصيب في قولهم ذلك (وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً) الحق هنا معناه العلم أي : الظن لا يغني عن العلم شيئا ، ولا يقوم مقام العلم. ثم خاطب نبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : (فَأَعْرِضْ) يا محمد (عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنا) ولم يقر بتوحيدنا (وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَياةَ الدُّنْيا) فمال إلى الدنيا ومنافعها أي : لا تقابلهم على أفعالهم واحتملهم ، ولا تدع مع هذا وعظهم ودعاءهم إلى الحق (ذلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ) أي : الإعراض عن التدبر في أمور الآخرة ، وصرف الهمة إلى التمتع باللذات العاجلة ، منتهى علمهم ، وهو مبلغ خسيس لا يرضى به لنفسه عاقل لأنه من طباع البهائم أن يأكل في الحال ، ولا ينتظر العواقب. وفي الدعاء : «اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا. (إِنَّ رَبَّكَ) يا محمد (هُوَ أَعْلَمُ) منك ، ومن جميع الخلق (بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ) أي بمن جار وعدل عن سبيل الحق الذي هو سبيله (وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدى) إليها ، فيجاز كلا منهم على حسب أعمالهم (١).
ثم أخبر سبحانه عن كمال قدرته ، وسعة ملكه فقال : (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) وهذا اعتراض بين الآية الأولى ، وبين قوله
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٩ ، ص ٢٩٦.