في مقدار حياته. وقيل : إنه ابتداء كلام يتصل به ما بعده ، والمعنى : وما نحن بمغلوبين. (عَلى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثالَكُمْ) أي نأتي بخلق مثلكم بدلا منكم ، وتقديره : نبدلكم بأمثالكم ... قال الزجاج : معناه إن أردنا أن نخلق خلقا غيركم ، لم يسبقنا سابق ، ولا يفوتنا.
(وَنُنْشِئَكُمْ فِي ما لا تَعْلَمُونَ) من الصور ، أي إن أردنا أن نجعل منكم القردة والخنازير ، لم نسبق ، ولا فاتنا ذلك ، وتقديره : كما لم نعجز عن تغيير أحوالكم بعد خلقكم ، لا نعجز عن أحوالكم بعد موتكم. وقيل : أراد النشأة الثانية أي : ننشئكم فيما لا تعلمون من الهيئات المختلفة. فإن المؤمن يخلق على أحسن هيئة ، وأجمل صورة. والكافر على أقبح صورة. وقيل : إنما قال ذلك ، لأنهم علموا حال النشأة الأولى ، كيف كانت في بطون الأمهات ، وليست الثانية كذلك لأنها تكون في وقت لا يعلمه العباد. (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى) أي المرة الأولى من الإنشاء ، وهو ابتداء الخلق حين خلقتم من نطفة ، وعلقة ، ومضغة. (فَلَوْ لا تَذَكَّرُونَ) أي فهلا تعتبرون وتستدلون بالقدرة عليها ، على الثانية. (أَفَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ) أي ما تعملون في الأرض ، وتلقون فيها من البذر. (أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ) أيءأنتم تنبتونه ، وتجعلونه زرعا ، أم نحن المنبتون. فإن من قدر على إنبات الزرع من الحبة الصغيرة ، وأن يجعلها حبوبا كثيرة ، قدر على إعادة الخلق إلى ما كانوا عليه ، وروي عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : (لا يقولن أحدكم زرعت وليقل حرثت). (لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْناهُ) أي جعلنا ذلك الزرع (حُطاماً) أي هشيما لا ينتفع به في مطعم ولا غذاء. وقيل : تبنا لا قمح فيه ، (فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ) أي : تتعجبون مما نزل بكم في زرعكم. وقيل : معناه تندمون وتتأسفون على ما أنفقتم فيه. وأصله من التفكه بالحديث وهو التلهي به ، فكأنه قال : فظلتم تتروحون إلى التندم ، كما يتروح الفكه إلى الحديث ، بما يزيل الهم. وقيل : معناه