الْماءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (٦٨) أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ (٦٩) لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً فَلَوْ لا تَشْكُرُونَ) (٧٠) [سورة الواقعة : ٥٦ ـ ٧٠]؟!
الجواب / قال الشيخ الطبرسيّ (رحمهالله تعالى) : قوله : (هذا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ) النزل : الأمر الذي ينزل عليه صاحبه. والمعنى : هذا طعامهم وشرابهم يوم الجزاء في جهنم.
ثم احتج سبحانه عليهم في البعث بقوله : (نَحْنُ خَلَقْناكُمْ) أي نحن خلقناكم ، ولم تكونوا شيئا ، وأنتم تعلمون ذلك ... (فَلَوْ لا تُصَدِّقُونَ) أي فهلا تصدقون ، ولم لا تصدقون بالبعث ، لأن من قدر على الإنشاء والابتداء ، قدر على الإعادة (١). ثم نبههم سبحانه على وجه الاستدلال على صحة ما ذكره. فقال : (أَفَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ) أي ما تقذفون وتصبون في أرحام النساء من النطف. فيصير ولدا (أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ) أي أأنتم تخلقون ما تمنون بشرا (أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ) فإذا لم تقدروا أنتم وأمثالكم على ذلك ، فاعلموا أن الله سبحانه الخالق لذلك. وإذا ثبت أنه قادر على خلق الولد من النطفة ، وجب أن يكون قادرا على إعادته بعد موته ، لأنه ليس بأبعد منه. ثم بين سبحانه أنه كما بدأ الخلق ، فإنه يميتهم فقال : (نَحْنُ قَدَّرْنا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ) التقدير : ترتيب الأمر على مقدار أي : نحن أجرينا الموت بين العباد على مقدار ، كما تقتضيه الحكمة. فمنهم من يموت صبيا ، ومنهم من يموت شابا ، ومنهم من يموت كهلا وشيخا وهرما. وقيل : معناه قدرناه بأن سوينا فيه بين المطيع والعاصي ، وبين أهل السماء والأرض. (وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ) قيل : إنه من تمام ما قبله أي : لا يسبقنا أحد منكم على ما قدرناه من الموت ، حتى يزيد
__________________
(١) قال علي بن الحسين عليهماالسلام : «عجب كل العجب لمن أنكر الموت وهو يرى من يموت كلّ يوم وليلة ، والعجب كل العجب لمن أنكر النشأة الأخرى وهو يرى النشأة الأولى (الكافي : ج ٣ ، ص ٢٥٨ ، ح ٢٨).