هذا الجراب؟ قال : «سويق الشعير ، فقلت : خفت عليه أن يؤخذ ، أو بخلت به؟ قال : «لا ولا أحدهما ، لكني خفت أن يلينه الحسن والحسين بسمن أو زيت. قلت : محرم هو؟ قال : «لا ، ولكن يجب على أئمة الحق أن يقتدوا بالقسم من ضعفة الناس كيلا يطغى بالفقير فقره ، فقال معاوية : ذكرت من لا ينكر فضله (١).
وقال الطبرسي : في الحديث أن عمر بن الخطاب قال : استأذنت على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فدخلت عليه في مشربة (٢) أم إبراهيم ، وإنه لمضطجع على خصفة (٣) ، وأن بعضه على التراب ، وتحت رأسه وسادة محشوة ليفا ، فسلمت عليه ثم جلست ، فقلت : يا رسول الله ، أنت نبي الله وصفوته وخيرته من خلقه ، وكسرى وقيصر على سرر الذهب وفرش الديباج والحرير! فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أولئك قوم عجلت طيباتهم ، وهي وشيكة الانقطاع ، وإنما أخرت لنا طيباتنا (٤).
وقال علي بن أبي طالب عليهالسلام في بعض خطبه : «والله لقد رقعت مدرعتي هذه حتى استحييت من راقعها ، ولقد قال لي قائل : ألا تنبذها؟ فقلت : اعزب عني ، فعند الصباح يحمد القوم السرى (٥) (٦).
وقال أبو جعفر الباقر عليهالسلام : «والله إن كان علي عليهالسلام ليأكل أكلة العبد ، ويجلس جلسة العبد ، وإنه كان ليشتري القميصين فيخيّر غلامه
__________________
(١) ... حلية الأبرار : ج ١ ، ص ٣٥٢.
(٢) المشربة : الغرفة. «أقرب الموارد ـ شرب ـ ج ١ ، ص ٥٨٠.
(٣) الخصفة : الجلة تعمل من الخوص للتمر ، و : الثوب الغليظ جدّا. «أقرب الموارد ـ خصف ـ ج ١ ، ص ٢٧٩.
(٤) مجمع البيان : ج ٩ ، ص ١٣٣.
(٥) مثل يضرب لمن يحتمل المشقّة رجاء الراحة ، ويضرب أيضا في الحثّ على مزاولة الأمر والصبر وتوطين النفس حتى تحمد عاقبته.
(٦) مجمع البيان : ج ٩ ، ص ١٣٣.