ومقدمات الانسداد (١) في الأحكام إنما توجب حجية الظن بالحكم أو بالحجة ؛ لا الترجيح به ما لم توجب الظن بأحدهما.
ومقدماته (٢) في خصوص الترجيح لو جرت إنما توجب حجية الظن في تعيين
______________________________________________________
كالأعدلية مثلا ، أو لمرجح خارجي كمطابقته لأمارة توجب كون مضمونه أقرب إلى الواقع من مضمون الآخر ، مثل ما دل على الترجيح بالأصدقية في الحديث ...» (١) الخ. «الوصائل إلى الرسائل ، ج ٥ ، ص ١٨٩».
وحاصله : التعدي عن المرجحات المنصوصة إلى كل ما يوجب أقربية أحد المتعارضين إلى الواقع من الآخر. ويأتي في بحث التعادل والترجيح تفصيل ذلك.
(١) هذا هو الوجه الثاني من الوجوه التي استدل بها على الترجيح بالظن غير المعتبر ، وحاصله : أن مقدمات الانسداد الجارية في الأحكام الكلية توجب الترجيح بالظن غير المعتبر ، فإن نتيجتها حجية الظن مطلقا ، سواء تعلق بالحكم أم بالحجة أم بالترجيح ، فالظن بالترجيح أيضا حجة.
قوله : «إنما توجب» خبر «ومقدمات» وجواب عنه ، وحاصله : أن الظن الانسدادي إنما يكون حجة إذا تعلق بالحكم كالوجوب والحرمة ، أو بالطريق كالظن بحجية الإجماع المنقول ، أو هما معا على الخلاف السابق ، والظن بالترجيح خارج عن كليهما.
وبالجملة : فمقدمات الانسداد لا توجب حجية الترجيح بالظن ما لم توجب الظن بالحكم أو الطريق.
(٢) أي : ومقدمات الانسداد ، وهذا هو الوجه الثالث من الوجوه التي استدل بها على الترجيح بالظن غير المعتبر.
توضيحه : ـ على ما في «منتهى الدراية ، ج ٥ ، ص ١٣٨» ـ أنه يمكن إجراء مقدمات الانسداد في خصوص المرجحات ؛ لتنتج حجية الظن في مقام الترجيح ، بأن يقال : إنا نعلم إجمالا بمرجحات للروايات في الشريعة المقدسة ، وباب العلم والعلمي بها منسد ، ولا يجوز إهمالها للعلم الإجمالي المزبور. ولا يمكن التعرض لها بالاحتياط لعدم إمكانه ، حيث إنه يدور الأمر بين المحذورين لحجية الراجح وعدم حجية المرجوح ، ولا يمكن الاحتياط فيهما ، ولا يجوز الرجوع إلى الأصل ؛ إذ مقتضاه عدم الحجية ، وهو ينافي العلم الإجمالي المزبور بوجودها ، ومقتضى قبح ترجيح المرجوح على الراجح هو العمل بالظن ، ونتيجة ذلك : حجية الظن في مقام الترجيح.
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ٦١٠.