المقصد السابع : في الأصول العملية (١)
______________________________________________________
الأصول العملية
(١) وقبل الخوض في أصل البحث ينبغي تقديم أمور :
الأول : بيان الفرق بين الأدلة الاجتهادية والأصول العملية.
وحاصل الفرق بينهما : أن المراد بالأصول العلمية هو : الوظائف المقررة للشاك الذي لم يكن له طريق معتبر إلى الواقع من القطع أو الأمارة ، التي جعلها الشارع حجة وطريقا إلى الواقع.
فالأصل العملي عبارة عن حكم مجعول للشك وفي ظرف الشك ؛ بحيث لوحظ الشك موضوعا له ويقابله الدليل الاجتهادي ، حيث أن الحكم مجعول للواقع في مورد الشك ؛ ولكن الشك ليس جزءا من موضوعه ، مثلا : خبر الواحد حجة عند الشك في الحكم الواقعي ؛ لكن ليس الموضوع مأخوذا فيه الشك ، فقول زرارة بوجوب الدعاء عند رؤية الهلال إخبار عن الواقع ؛ وإن كان حجية خبره في ظرف الشك في الحكم الواقعي.
أما أصالة البراءة : فقد أخذ في موضوعها الشك ؛ لأنها تقول : إذا لم تدر وجوب الدعاء أجر البراءة ، فالدعاء المشكوك مجرى للبراءة.
فالمتحصل : أن المجعول في الأصول العملية حكم على الشك ، وفي الأدلة حكم على الواقع حال سترته ، مع جعل الأمارة دليلا عليه.
أما الفرق بينهما من حيث التسمية : فلأن الأصول العملية الدالة على الوظائف في الشك تسمى أدلة فقاهتية ، والأدلة الدالة على الحكم الشرعي في نفس الأمر تسمى أدلة اجتهادية ؛ وذلك لمناسبة موجودة في تعريف الفقه والاجتهاد ، حيث عرفوا الفقه «بأنه العلم بالأحكام الشرعية الفرعية عن أدلتها التفصيلية» ، وليس المراد من الأحكام هي الأحكام الواقعية ؛ لعدم تعلق العلم بها دائما.
فتعين أن يكون المراد بها هي : الظاهرية الموجودة في مواضع الأصول العلمية. فناسب أن يسمى ما دل على الأحكام الظاهرية التي تعلق بها العلم بالأدلة الفقاهتية.
وعرفوا الاجتهاد : «باستفراغ الوسع لتحصيل الظن بالحكم الشرعي» ، ومن المعلوم : أن ليس المراد منه هو الحكم الظاهري ؛ وإلا يكون معلوما لا مظنونا ؛ بل المراد هو الحكم