تعالى وضعه (١) بما هو قضيته من إيجاب الاحتياط ، فرفعه (٢). فافهم (٣).
ثم لا يخفى (٤) : عدم الحاجة إلى تقدير المؤاخذة ولا غيرها من الآثار الشرعية في «ما لا يعلمون» ، فإن ما لا يعلم من التكليف مطلقا كان في الشبهة الحكمية أو
______________________________________________________
الاحتياط تحفظا عليه ورفعه علة لعدمه ، وغرضه : أن الحديث بعد أن كان واردا في مقام الامتنان ، ففي جعل المرفوع في «ما لا يعلمون» إيجاب الاحتياط منّة على العباد ؛ لأن رفعه يوجب السعة عليهم ، بخلاف إيجابه ، فإنه يوجب الضيق والكلفة عليهم.
(١) يعني : كان له تعالى وضع التكليف المجهول على العباد بوضع ما يقتضيه وهو إيجاب الاحتياط ؛ وذلك لأن الحكم الواقعي يقتضي ـ في ظرف الجهل به ـ إيجاب الاحتياط تحفظا عليه ، فإيجاب الاحتياط مقتضى الجهل بالحكم الواقعي ، فضمير «قضيته» راجع على التكليف المجهول ، و «من إيجاب» بيان للموصول في «بما».
(٢) أي : فرفع التكليف الواقعي المجهول برفع مقتضاه وهو إيجاب الاحتياط.
(٣) لعله إشارة إلى الفرق بين الاحتياط وبين سائر الأوامر الطريقية ، فإن في ترك الاحتياط تجريا عقاب وإن أتى بالتكليف الواقعي ؛ كما لو صلى إلى طرف واحد ـ فيما اشتبهت القبلة ـ وترك سائر الجهات ، وصادفت تلك الجهة الواقع ، فإنه يعاقب للتجري ـ كما هو مذهب المصنف ـ وهذا ليس كسائر الأوامر الطريقية التي لا عقاب لها قطعا.
(٤) وقد عرفت فيما تقدم الخلاف بين المصنف والشيخ «قدسسرهما» فيما هو المراد من الموصول في «ما لا يعلمون» ، حيث قال المصنف : بأن المراد من الموصول : هو الحكم المجهول ، وهو بنفسه قابل للرفع ولو بمعنى رفع تنجزه وهو المرتبة الأخيرة منه ، بلا حاجة إلى تقدير شيء فيه أصلا.
ومن هنا يقول المصنف : إنه لا حاجة إلى تقدير شيء في «ما لا يعلمون» ؛ وإن كان في غيره من سائر الفقرات لا بد من تقدير المؤاخذة ، أو تمام الآثار ، أو الأثر الظاهر في كل منها ، أو إسناد الرفع إليه مجازا بلحاظ المؤاخذة ، أو جميع الآثار أو الأثر الظاهر ، من قبيل إسناد السؤال إلى القرية مجازا بلحاظ الأهل.
هذا بخلاف قول الشيخ «قدسسره» : حيث قال : بأن المراد من الموصول هو الفعل المجهول عنوانه بوحدة السياق ، فلا بد من تقدير شيء في «ما لا يعلمون» كسائر الفقرات.
وكيف كان ؛ فغرض المصنف : هو التعريض بما أفاده الشيخ «قدسسره» من لزوم التقدير في الحديث.