فهو (١) موجب لاستحقاق العقوبة على المجهول كما هو الحال في غيره (٢) من الإيجاب والتحريم الطريقيين (٣) ، ضرورة (٤) : أنه كما يصح أن يحتج بهما صح أن يحتج به ، ويقال : لم أقدمت مع إيجابه به؟ ويخرج به عن العقاب بلا بيان والمؤاخذة بلا برهان ، كما يخرج بهما.
وقد انقدح بذلك (٥) : أن رفع التكليف المجهول كان منّة على الأمة ، حيث كان له
______________________________________________________
قوله : «هذا» أي : استتباع مخالفة وجوب الاحتياط للمؤاخذة على نفسه موقوف على القول بوجوبه نفسيا ؛ إذ عليه يلزم استحقاق المؤاخذة على مخالفته كلزومه على مخالفة سائر التكاليف النفسية.
وأما إذا كان إيجاب الاحتياط طريقيا : فلا يستحق المؤاخذة على مخالفة نفسه ؛ بل إنما يستحقها على مخالفة ذي الطريق وهو التكليف المجهول ، وعليه : فترتفع المؤاخذة من البين ببركة حديث الرفع الرافع لموضوع المؤاخذة أعني : إيجاب الاحتياط ؛ كما في «منتهى الدراية ، ج ٥ ، ص ١٩٩».
(١) أي : وإن كان إيجاب الاحتياط طريقيا «فهو موجب ...» الخ.
(٢) أي : غير الاحتياط.
(٣) أي : كالإيجاب والتحريم المقدمي ؛ كوجوب الصلاة في الثوبين المشتبهين ، وحرمة الإلقاء من السطح ، فإنه لا عقاب فيهما ، وإنما العقاب على مخالفة التكليف المجهول ، مثلا : الإلقاء من السطح حرام ؛ لكنه حرام طريقي لحرمة قتل النفس ، فإذا ألقى نفسه ومات عوقب على القتل لا على الإلقاء.
(٤) تعليل لقوله : «فهو موجب».
توضيحه : أن إيجاب الاحتياط لتنجيز الواقع ؛ كالإيجاب والتحريم الطريقيين في صحة الاحتجاج والمؤاخذة ، وعدم كون العقاب معه عقابا بلا بيان ؛ بل مؤاخذة مع الحجة والبرهان ، فوزان إيجاب الاحتياط من حيث كونه حجة على الواقع وزان الإيجاب والتحريم الطريقيين ، فالتكليف بعد إيجاب الاحتياط وإن لم يخرج وجدانا عن الاستتار ؛ بل هو باق على المجهولية ؛ لكنه خرج عن التكليف المجهول الذي لم تقم عليه حجة ، وصار مما قام عليه البرهان. وضمير «أنه» للشأن ، وضمير «بهما» في الموضعين راجع على الإيجاب والتحريم ، والضمير في «أن يحتج به ، إيجابه ، يخرج به» راجع على إيجاب الاحتياط.
(٥) أي : قد ظهر بذلك الذي ذكرنا من كون التكليف المجهول مقتضيا لإيجاب