لا يقال (١) : كيف؟ وإيجاب الاحتياط فيما لا يعلم وإيجاب التحفظ في الخطأ والنسيان يكون أثرا لهذه العناوين بعينها وباقتضاء نفسها (٢)؟
فإنه يقال (٣) : بل إنما تكون باقتضاء الواقع في موردها ، ضرورة : أن الاهتمام به يوجب إيجابهما ؛ لئلا يفوت على المكلف ، كما لا يخفى.
______________________________________________________
(١) لا يقال : إن ما ذكرتم من كون حديث الرفع يرفع آثار الواقع بعنوانه الأولي ؛ لا بعنوانه الثانوي يقتضي أن لا يرفع الاحتياط ـ بأن يجب الاحتياط فيما لا يعلمون ـ إذ الاحتياط ليس من آثار الواقع حتى يرفع بحديث الرفع ، بل هو من آثار الجهل بالواقع ، وهذا خلاف البداهة ، فإن حديث الرفع يرفع الاحتياط ، وعلى هذا : فلا يخص حديث الرفع برفع آثار الواقع بعنوانه الأولي ؛ بل يرفع آثار العنوان الثانوي أيضا كالجهل ونحوه.
وكيف كان ؛ فغرض المصنف من هذا الإشكال : أن حديث الرفع يدل على رفع آثار نفس هذه العناوين الثانوية وهي الجهل والخطأ والنسيان ؛ لا رفع آثار ذوات المعنونات أعني : الموضوعات بما هي هي ، يعني : بعناوينها الأولية كما المدعى.
بتقريب : أن إيجاب الاحتياط من آثار الجهل بالتكليف ولا يعقل تشريعه حال العلم به ، وكذا إيجاب التحفظ ، فإنه من آثار الخطأ والنسيان دون التذكر ، ومقتضى ما ذكر : ثبوت إيجاب الاحتياط والتحفظ لهذه العناوين ، مع أن حديث الرفع ينفي الإيجاب الذي هو من آثار الجهل والخطأ والنسيان ، وهذا خلاف المقصود.
(٢) أي : نفس العناوين الثانوية لا أثرا لها بعناوينها الأوّلية وضميرا «بعينها ، نفسها» راجعان على العناوين.
وحاصل الإشكال : كان حديث الرفع خاصا برفع الأثر على العناوين الأولية فقط لم يرفع به الاحتياط والتحفظ ، اللذان هما أثران للعناوين الثانوية.
(٣) هذا جواب عن الإشكال المذكور : وحاصله : إن إيجاب الاحتياط فيما لا يعلمون ، وإيجاب التحفظ في الخطأ والنسيان ليسا من الآثار المترتبة على نفس عنوان ما لا يعلم أو عنوان الخطأ والنسيان ؛ بل هما من آثار الواقع المجهول أو الواقع الصادر خطأ أو نسيانا ، فليسا من العناوين الثانوية «بل إنما تكون» هذه الأمور أعني : الاحتياط في مورد الجهل ، والتحفظ في مورد الخطأ والنسيان «باقتضاء» الحكم الثابت في «الواقع في موردها» أي : في مورد الجهل والخطأ والنسيان ، ففي موردها إشارة إلى ظرفية الجهل والخطأ والنسيان لإيجاب الاحتياط والتحفظ.