بعينه» (*) الحديث. حيث دل على حلية ما لم يعلم حرمته مطلقا ؛ ولو كان (١) من جهة عدم الدليل على حرمته ، وبعدم (٢) الفصل قطعا بين إباحته وعدم وجوب الاحتياط
______________________________________________________
اختصاصه بالشبهات الموضوعية لأن كلمة «بعينه» تكون بمعنى : التشخص والتعين الخارجي فكان أصل الحرمة معلوما ، وأن الإمام «عليهالسلام» كان بصدد بيان حكم الحرام الذي علم حرمته ؛ لكنه لم يعلم هو معينا ـ كما هو شأن الشبهة الموضوعية ـ لا بيان حكم نفس الحرمة إذا كانت مشكوكة ، فلا يشمل الحديث الشبهات الحكمية ؛ إذ الشك في حرمة شرب التتن مثلا ليس من أفراد الشك في الحرمة بعينها ، وإنما هو شك في أصل الحرمة.
كما أن ظاهر الحديث أيضا بقرينة قوله : «حتى تعرف الحرام» اختصاصه بالشبهات التحريمية ؛ وأن الحكم بحلية الشيء مختص بما إذا تردد حكمه بين الحرمة وغير الوجوب ، فالحاصل : أنه لما كان ظاهر الحديث اختصاصه بالشبهات الموضوعية التحريمية : تصدى المصنف لتعميمه أولا للشبهات الحكمية التحريمية ، ثم للشبهات الوجوبية.
وأما التعميم الأول : فهو الذي أشار إليه بقوله : «مطلقا ولو كان ...» الخ.
توضيحه : أن الحديث يدل على حلية ما لم يعلم حرمته مطلقا ، يعني : سواء كان عدم العلم بحرمته ناشئا من عدم العلم بعنوانه ، وأنه من أفراد المحلل ، أو من أفراد المحرم مع العلم بأصل الحرمة ؛ كالمائع المردد بين الخل والخمر مع العلم بأصل حرمة الخمر ، أم ناشئا من عدم الدليل على الحرمة ، أم من تعارض ما دل على حرمته مع ما دل على حليته ، أم غير ذلك ، ويجمع الكل عدم العلم مهما كان منشؤه. هذا تمام الكلام في التعميم الأول ؛ كما في «منتهى الدراية ، ج ٥ ، ص ٢٤١».
وأما التعميم الثاني : فهو ما أشار إليه بقوله : «وبعدم الفصل قطعا».
(١) بيان للإطلاق ، يعني : ولو كان عدم العلم بحرمته من جهة عدم الدليل عليها.
هذا ملخص الكلام في التعميم الأول. وهناك كلام طويل تركناه رعاية للاختصار.
(٢) متعلق بقوله : «يتم المطلوب» ، وهذا إشارة إلى التعميم الثاني للشبهات الوجوبية.
وقد افاد المصنف هذا التعميم بوجهين :
أولهما : وحاصله : دعوى عدم الفصل بين الشبهات التحريمية والشبهات الوجوبية في الحكم ، بمعنى : أن كل من قال بجريان البراءة وعدم وجوب الاحتياط في الشبهات
__________________
(*) الكافي ٥ : ٣١٣ / ٣٣٩ ، الفقيه ٣ : ٣٤١ / ٤٢٠٨ ، تهذيب الأحكام ٧ : ٢٢٦ / ٩٨٨ ، الوسائل ١٧ : ٨٦ / ٢٢٠٥٠.