سعة (١) ما لم يعلم ، أو ما دام لم يعلم (٢) وجوبه أو حرمته ، ومن الواضح (٣) : أنه لو
______________________________________________________
سعة ما لا يعلمون».
تقريب الاستدلال بحديث السعة يتوقف على مقدمة وهي : إن كلمة «ما» في «ما لا يعلمون» إما موصولة قد أضيفت إليها كلمة «سعة» ، أو مصدرية زمانية بمعنى : ما دام ، و «سعة» حينئذ : مقطوعة عن الإضافة ، فتكون مع التنوين.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أن الرواية تدل على البراءة على التقديرين ، أي : سواء كانت كلمة «ما» موصولة أو مصدرية زمانية وظرفا للسعة.
أما على الأول : فيكون مفادها : الناس في سعة الحكم الواقعي الذي لا يعلمونه ، فالضيق الناشئ من التكليف الواقعي المجهول ؛ ولو كان لأجل وجوب الاحتياط منفي. فيكون حديث السعة حينئذ : معارضا لأدلة وجوب الاحتياط ، فوزانه وزان حديث الرفع المتقدم في نفيه لإيجاب الاحتياط ، فيقع التعارض بينه وبين أدلة الأخباريين على وجوب الاحتياط ؛ للتنافي بين ما ينفي الضيق حال الجهل ، وبين ما يثبته كذلك ، ولا تقدم لأدلته على هذا الحديث.
وأما على الثاني : ـ أي : جعل «ما» مصدرية ـ فدلالة الحديث على البراءة تامة أيضا ؛ إذ يكون حديث السعة دالا على أن المكلف في سعة عن الحكم الواقعي المجهول مطلقا ، سواء كان وجوبا أو حرمة ، وسواء كان منشأ عدم العلم فقد النص أو إجماله أو تعارضه أو اشتباه الأمور الخارجية ما دام جاهلا به.
فالمتحصل : تمامية الاستدلال به على البراءة ؛ ما دام الشك باقيا مهما كان منشؤه ، فيثبت المطلوب على التقديرين ، ومن هنا : يعلم فساد ما قيل : من أن الاستدلال به مبني على تقدير أن تكون كلمة «ما» موصولة.
وأما إذا كانت مصدرية زمانية : فلا يصح الاستدلال به على المقام ؛ لأن المعنى حينئذ : أن الناس في سعة ما داموا لم يعلموا ، فمفاد الحديث هو مفاد قاعدة قبح العقاب بلا بيان ، فتكون أدلة وجوب الاحتياط حاكمة عليه ؛ لأنها بيان. وقد عرفت تمامية دلالة الحديث على البراءة على التقديرين.
توضيح بعض العبارات طبقا لما في «منتهى الدراية».
(١) بالإضافة إلى الموصول. هذا إشارة إلى كون «ما» موصولة.
(٢) هذا إشارة إلى جعل «ما» ظرفية زمانية ، بناء على قراءة «سعة» بالتنوين.
(٣) هذا تتميم للاستدلال بالحديث على المدعى ، يعني : أن حديث السعة ينفي