نعم (١) ؛ ولكنه لا يتفاوت فيما هو المهم من الحكم بالإباحة في مجهول الحرمة ، كان بهذا العنوان أو بذاك العنوان.
فإنه يقال (٢) : حيث إنه بذاك العنوان لاختص بما لم يعلم ورود النهي عنه أصلا ،
______________________________________________________
بعنوان عدم ورود النهي عنه واقعا ولو تعبدا كما هو مقتضى استصحاب عدم ورود النهي عنه ، أم بعنوان كونه مجهول الحكم.
فالمتحصل : من قوله : «لا يقال» هو : صحة الاستدلال بهذا الحديث على البراءة وإن كان الحكم بالإباحة بعنوان ما لم يرد ؛ لا بعنوان مجهول الحرمة.
(١) يعني : نسلم أن التفاوت بين العنوانين موجود ؛ إذ هناك فرق من حيث السبب للإباحة ؛ لكنه لا يوجب تفاوتا «فيما هو المهم من الحكم بالإباحة» والإطلاق «في مجهول الحرمة كان» الحكم بالإباحة «بهذا العنوان» أي : بعنوان أنه مجهول الحكم إذا قلنا بدلالة الحديث ، «أو بذلك العنوان» أي : عنوان أنه لم يرد عنه النهي واقعا المكشوف ذلك بأصالة العدم ؛ إذا قلنا باحتياج الحديث إلى ضميمة أصالة العدم.
(٢) أي : يقال في الجواب : إنه ليس الأمر على ما ذكرتم من عدم التفاوت ؛ بل هناك تفاوت بأن الدليل ـ بناء على كونه مركبا من الحديث وأصالة العدم ـ أخص من الدليل ـ بناء على كونه الحديث فقط ـ إذ لو كان المعيار هو مجهول الحكم شمل الحكم بالإباحة ما طرأ إباحة وحرمة ، ولم يعلم السابق منهما ، ولو كان المعيار إجراء أصالة العدم لم تجر في هذا الفرض ، فلا يحكم فيه بالإباحة.
وبعبارة واضحة : أنه إذا جعل الحكم بالإباحة لمشكوك الحكم بعنوان أنه «لم يرد فيه نهي» كان هذا الدليل أعني : الحديث المذكور أخص من المدعى ؛ وذلك لأن الحديث إذا دل على إباحة مشكوك الحكم بعنوان أنه مشكوك الحكم ـ بلا ضم استصحاب عدم الورود إليه ـ شمل جميع موارد الشك في الحكم حتى صورة فرض العلم الإجمالي بورود النهي عن ذلك الفعل المشكوك الحكم في زمان ، وإباحته في زمان آخر ؛ إذ المفروض : أن الفعل ـ فعلا ـ مجهول الحرمة ، والحديث دال على إباحته ظاهرا فيحكم بإباحته.
وهذا بخلاف ضم الاستصحاب المذكور إليه ، فإن الاستدلال به يختص حينئذ بما إذا شك في ورود النهي عنه وأحرز عدم وروده بالاستصحاب ، ولا يشمل ما إذا علم بورود نهي وإباحة معا في شيء واشتبه المتقدم منهما بالمتأخر.
وجه عدم الشمول : أن استصحاب عدم ورود النهي عنه ـ الذي هو جزء لموضوع