بعض المضار ببعض الدواعي عقلا وجوازه شرعا.
مع أن (١) احتمال الحرمة أو الوجوب لا يلازم احتمال المضرة ؛ وإن كان ملازما
______________________________________________________
«تحمل بعض المضار» كبذل المال لتحصيل الاعتبار ونحوه. هذا بحسب حكم العقل.
وأما شرعا : فكجواز إتلاف النفس لإقامة الدين وشعائره ، وجواز بذل المال للطهارة والساتر في الصلاة.
(١) هذا هو الوجه الثاني من الجواب.
وتوضيحه : ـ على ما في «منتهى الدراية ، ج ٥ ، ص ٣١٦» ـ أن الأحكام الشرعية وإن كانت تابعة للملاكات النفس الأمرية من المصالح والمفاسد الكامنة في أفعال المكلفين ، ومن المعلوم : عدم إناطة ترتبها عليها بالعلم بالأحكام ؛ للملازمة بين التكليف وملاكه مطلقا ، علم به أم لا.
فاحتمال التكليف الوجوبي أو التحريمي ملازم لاحتمال المصلحة أو المفسدة ؛ إلا إنه لا كبرى لوجوب دفع الضرر المحتمل في المقام ، أعني : الضرر غير العقوبة ؛ لتوقف الملازمة ـ بين احتمال الوجوب أو الحرمة ، وبين وجوب دفع الضرر المحتمل غير العقوبة ـ على تبعية الحكم الشرعي للمصلحة أو المفسدة ، بمعنى : النفع أو الضرر الدنيويين ، وهذه التبعية غير ثابتة ، إنما الثابت تبعيته للمصالح والمفاسد الواقعية التي هي العلل للأحكام الشرعية ، وهي التي توجب حسن الفعل أو قبحه ، ولا ربط لها بالمنافع والمضار العائدتين إلى المكلف ، يعني : أن المصالح والمفاسد الواقعية إنما توجبان حسن الفعل أو قبحه ، من دون لزوم ضرر على فاعله أو نفع عائد إليه.
وبالجملة : فاحتمال الحرمة وإن كان ملازما لاحتمال المفسدة لكنه لا يلازم الضرر بالفاعل حتى يكون موردا لقاعدة وجوب الدفع ، ويجب ترك محتمل الحرمة تحرزا عن الضرر ؛ بل ربما كان ترك الحرام تحرزا عن المفسدة مستلزما للضرر على التارك ؛ كما في ترك البيع الربوي تحرزا عن مفسدته ، فإنه موجب لذهاب المنفعة المالية على المتحرز. كما أن احتمال الوجوب وإن كان ملازما لاحتمال المصلحة ؛ لكنه لا يلازم المنفعة حتى يجب فعل محتمل الوجوب استيفاء للمنفعة المالية ؛ بل ربما كان فعل الواجب استيفاء للمصلحة موجبا للضرر على الفاعل كما في أداء الزكاة استيفاء لمصلحتها ، فإن فيه ضررا ماليا على الدافع بناء على كونه مالكا لتمام المال الزكوي ، وخروج حصة الفقراء من ملكه ، لا مالكا لما عدا مقدار الزكاة ؛ وإلا لم يكن دفعه ضررا عليه كما هو واضح ، وعليه : فاحتمال الحرمة بالنسبة إلى الضرر الدنيوي غير واجب الدفع ، فلا تتم كبرى