مطابقة أو التزاما ، وبما (١) دل على وجوب الاحتياط من الأخبار الواردة بألسنة مختلفة (٢).
والجواب : إنه لا مهلكة في الشبهة البدوية (٣) ، مع دلالة النقل على الإباحة ، وحكم العقل بالبراءة كما عرفت.
______________________________________________________
وأما من الأخبار الدالة على التوقف التزاما : فهي موثقة حمزة بن طيار : أنه عرض على أبي عبد الله «عليهالسلام» بعض خطب أبيه «عليهالسلام» ، حتى إذا بلغ موضعا منها قال له : «كف واسكت» ، ثم قال أبو عبد الله «عليهالسلام» : «إنه لا يسعكم فيما ينزل بكم مما لا تعلمون إلا الكف عنه والتثبت والرد إلى أئمة الهدى ؛ حتى يحملوكم فيه على القصد ، ويجلوا عنكم فيه العمى ويعرفوكم فيه الحق ، قال الله تعالى : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)(١)» (٢).
ودلالة هذه الرواية وما بمضمونها على وجوب التوقف التزاما عند الشبهة واضحة ؛ إذ لازم الكف والتثبت هو : التوقف من حيث العمل ، والسؤال من أهل الذكر وهم الأئمة «عليهمالسلام» ؛ على ما في بعض التفاسير (٣).
(١) عطف على «بما» في قوله : «فبما دل» ، وهذا إشارة إلى الطائفة الثانية من الأخبار التي تدل على وجوب الاحتياط في الشبهة الحكمية.
(٢) والظاهر : أن مراده «قدسسره» من الألسنة المختلفة هو : دلالتها على وجوب الاحتياط مطابقة والتزاما.
فالأول : هو ما اشتمل منها على مادة الاحتياط بهيئات مختلفة مثل : «احتط» و «فعليكم بالاحتياط» (٤) و «خذ بالحائطة لدينك» (٥) ، ونحوها.
والثاني : ـ وهو ما دل على وجوب الاحتياط التزاما مثل : ما ورد من النهي عن القول ـ يعني : الإفتاء ـ بغير علم ، فيدل بالالتزام على وجوب الاحتراز عن المشتبه عملا ، وعدم جواز الاقتحام فيه.
(٣) هذا جواب عن أخبار التوقف المشتملة على التعليل ، وحاصله : ـ على ما في
__________________
(١) النحل : ٤٣ ، الأنبياء : ٧.
(٢) الكافي ١ : ٥٠ / ١٠ ، الوسائل ٢٧ : ٢٥ / ٣٣١١٣.
(٣) تفسير العياشي ٢ : ١١٧ / ١٦٠ ، ٢٦٠ / ٣٠ ، ٣٢ تفسير القمي ٢ : ٨٦ ، تفسير فرات : ٢٣٥ / ٣١٥ / ٣١٦ ، مجمع البيان ٧ : ٧٣.
(٤) الكافي ١ : ٢٩١ / ذيل ح ١ ، تهذيب الأحكام ٥ : ٤١٧ / ذيل ح ١٦٣٩.
(٥) تهذيب الأحكام ٢ : ٢٥٩ / ذيل ح ١٠٣١ ، الوسائل ٤ : ١٧٦ / ٤٨٤٠.