.................................................................................................
______________________________________________________
المولوي اللزومي مستلزم لتخصيص الأكثر ، ضرورة : أن عنوان «الشبهة» صادق على الشبهات مطلقا يعني : الحكمية والموضوعية ، الوجوبية منهما والتحريمية. وقد اتفق الفريقان على جريان البراءة في غير الحكمية التحريمية ، فيلزم حينئذ تخصيص الأكثر ؛ لخروج أكثر الشبهات عن موضوع الأمر بالتوقف والاحتياط. وهي الشبهات الموضوعية مطلقا والشبهات الحكمية الوجوبية ، ومن المعلوم : أن تخصيص الأكثر مستهجن ، فلا يصار إليه. كما أن حمل الأمر بهما على الندب مستلزم لإخراج موارد وجوب الاحتياط كالشبهة المقرونة بالعلم الإجمالي ، فلا مناص عن حمله على الإرشاد المطلق ، فيكون إرشادا إلى وجوب الاحتياط في مورد وجوبه وهو الشبهة المقرونة بالعلم الإجمالي ، وإلى استحبابه في غيرها.
القرينة الثانية : إباء سياقها عن التخصيص.
توضيحه : ـ على ما في «منتهى الدراية ، ج ٥ ، ص ٣٥٧» ـ أنك قد عرفت آنفا عدم وجوب الاحتياط في الشبهة الحكمية الوجوبية والموضوعية مطلقا ؛ ولو كان الأمر به مولويا ، وحينئذ : فلو كان الأمر بالتوقف والاحتياط للطلب المولوي اللزومي ، فلا بد من ارتكاب التخصيص في تلك الأخبار بأن يقال : «لا خير في الاقتحام في الهلكة بارتكاب الشبهات إلا إذا كانت الشبهة موضوعية مطلقا أو حكمية وجوبية» ، مع أن سياقها آب عن التخصيص ؛ وذلك لأن مقتضى تخصيصها بها أن في ارتكابها ـ يعني : الشبهات الموضوعية والوجوبية ـ الخير ، وهذا لا معنى له ، وعليه : فحيث أن كلمة خير منسلخة هنا عن التفضيل كما عرفت فيتعين ـ بمقتضى هذا التعليل ـ الاجتناب عن جميع الشبهات ؛ إذ المعنى على تقدير الانسلاخ : إن الوقوع في الهلكة لا خير فيه أصلا ؛ بل الخير كله في الوقوف عند الشبهة وعدم الاقتحام فيها. ولكن المحدثين لما اعترفوا بورود الترخيص في ارتكاب بعض الشبهات فلا مناص عن حمل الأمر في تلك الأخبار على الإرشاد حتى يتبع المرشد إليه في الوجوب الاستحباب.
هذا في أخبار الوقوف ، وكذا قوله «عليهالسلام» في خبر التثليث : «فمن ترك الشبهات نجا من المحرمات» ، فإن الشبهة الموضوعية التي تجري فيها أدلة البراءة ليست قسما رابعا ، لأن ظاهر الحديث حصر الأمور في ثلاثة أقسام : الحلال البين والحرام البيّن والشبهات ، ولا شك : في اندراج الشبهة الموضوعية في القسم الثالث ، ومقتضاه : الاحتياط فيها ، وقد التزم الكل بالبراءة فيها ، مع أنها ليست من الحلال البين قطعا ، فلا