.................................................................................................
______________________________________________________
وأما الجواب عن الطائفة الثانية : فلأن المراد من التهلكة إن كان العقاب الأخروي فهو منفي بدليل البراءة.
وإن كان المراد منها هو الضرر الدنيوي فليس كل ضرر من التهلكة ؛ لأنها مما يؤدي إلى الموت ، والمحرمات المحتملة ليس فيها الضرر الدنيوي بهذا المعنى.
وأما الجواب عن الطائفة الثالثة : فلأن ارتكاب محتمل الحرمة ليس منافيا للتقوى ؛ لأن التقوى هي : ترك ما نهى عنه الشارع ، وفعل ما أمر به. هذا مضافا إلى أن مفاد الآية استحباب التقوى ، ومحل الكلام هو وجوب الاتقاء احتياطا.
٣ ـ الاستدلال بالسنة على وجوب الاحتياط :
وهي بين ما يدل على وجوب التوقف ، وما يدل على وجوب الاحتياط.
وأما تقريب ما يدل على التوقف : فلأن المراد من كلمة «خير» ـ في قوله «عليهالسلام» : «فإن الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات» ـ ليس معناها التفضيلي في هذه الأخبار ؛ إذ لا خير في الاقتحام في الهلكة.
ثم المراد بالتوقف هو : التوقف العملي ، أعني : مطلق السكون وعدم المضي في ارتكاب الفعل ، ولازمه هو الاحتياط بترك ارتكاب الشبهة.
وأما ما يدل على الاحتياط فواضح ، كقوله «عليهالسلام» : «فعليكم بالاحتياط» ، و «خذ بالحائطة لدينك».
٤ ـ الجواب عن أخبار التوقف :
إنه لا مهلكة في الشبهة البدوية ، مع دلالة النقل فيها على الإباحة ، وحكم العقل بالبراءة.
وأما الجواب عن أخبار الاحتياط : فلأن ما دل على وجوب الاحتياط لو سلم وإن كان واردا على حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان ، فإنه كفى بيانا ؛ لأنه ظاهر في الوجوب المولوي إلا إنه لا بد من رفع اليد عن هذا الظهور ، وحمل أخبار الاحتياط على الإرشاد أو الطلب المولوي الجامع بين الوجوب والندب ؛ لئلا يلزم التخصيص بإخراج الشبهات الوجوبية والموضوعية عنها ، ولا يجب الاحتياط فيها عند الأخباريين أيضا. هذا مع أن سياقها آب عن التخصيص.
وحملها على الاستحباب مستلزم لإخراج موارد وجوب الاحتياط ؛ كما إذا كانت الشبهة مقرونة بالعلم الإجمالي ، وكانت الشبهة محصورة.