.................................................................................................
______________________________________________________
وعليه : فتتعين إرادة مطلق الرجحان الجامع بين الوجوب الندب ، ولازم ذلك : وجوب الاحتياط في بعض الموارد واستحبابه في بعضها الآخر.
٥ ـ ما ذكره الشيخ الأنصاري :
من استكشاف وجوب الاحتياط شرعا من هذه الأخبار ، ثم أجاب عنه بما حاصله : من أن إيجاب الاحتياط إن كان مقدمة للتحرز عن العقاب على الحكم الواقعي : فهو مستلزم لترتب العقاب على التكليف المجهول وهو قبيح ، وإن كان حكما ظاهريا نفسيا بالهلكة الأخروية مترتبة على مخالفته ؛ لا على مخالفة الواقع ، وهذا مخالف لصريح الأخبار ؛ إذ صريحها إرادة الهلكة الموجودة في الواقع على تقدير مخالفة الحرمة الواقعية ، ومقصود الأخباريين أيضا هو الاحتراز عن الهلكة المحتملة ، المترتبة على الاقتحام في الشبهات ؛ لا لأجل الاحتراز عن مخالفة الاحتياط.
فمع بطلان الاحتمالين لا محيص عن حمل الأخبار على الإرشاد إلى حكم العقل بلزوم الاجتناب عن الضرر المحتمل.
هذا غاية ما يمكن أن يقال في توضيح كلام الشيخ «قدسسره».
٦ ـ الجواب عن كلام الشيخ «قدسسره» : بما حاصله : من أن الأمر المولوي بالاحتياط ـ على فرض تسليم وجوبه شرعا ـ لا ينحصر في القسمين الباطلين أعني : النفسي والمقدمي ليبطل وجوب الاحتياط ببطلانهما ، وتجري أدلة البراءة بلا معارض ؛ بل هناك قسم آخر ـ وهو الوجوب الطريقي ـ بمعنى : أن إيجاب الاحتياط بداعي تنجيز الحكم الواقعي المجهول ؛ بأن يكون الغرض من إنشاء وجوب الاحتياط إقامة الحجة على التكليف الواقعي المجهول ؛ بحيث توجب تنجزه وحفظه حال الجهل ، فالعقاب حينئذ على تقدير المخالفة على الواقع المجهول : عقاب مع البيان ، فتكون أدلة الاحتياط واردة على قاعدة قبح العقاب بلا بيان ؛ إذ مع إيجاب الاحتياط لا يحكم العقل بقبح العقاب بلا بيان ، فالصحيح في الجواب أن يقال : إن أخبار الاحتياط وإن كانت واردة على قاعدة قبح العقاب بلا بيان ؛ إلا إنها تعارض بما هو أخص منها وأظهر فيتعين تقديم أدلة البراءة على أخبار الاحتياط لوجهين :
أحدهما : كون أخبار البراءة أخص من أدلة الاحتياط ، وتقديم الخاص على العام يكون أمرا بديهيا.
الثاني : أظهرية أخبار البراءة عن أخبار الاحتياط.