.................................................................................................
______________________________________________________
أما توضيح الوجه الأول : فلأن ما دل على البراءة لا يشمل الشبهات قبل الفحص ؛ إذ لا خلاف في وجوب الاحتياط فيها بين الأصولي والأخباري ، وإنما الخلاف في وجوب الاحتياط فيها بعد الفحص. ومفاد ما دل على وجوب الاحتياط مثل قوله «عليهالسلام» : «فعليكم بالاحتياط» يشمل قبل الفحص وبعده ، فيكون أعم مما دل على البراءة ، فيخصص ما دل على وجوب الاحتياط بما دل على البراءة ، ولازم التخصيص هو : وجوب الاحتياط في الشبهات البدوية قبل الفحص لا بعده ، وهو المطلوب في المقام.
وأما توضيح الوجه الثاني : فلأنه مع الغض عن أخصية موضوع أخبار البراءة يتعين تقديم أخبار البراءة على أخبار الاحتياط بمناط الأظهرية ؛ لأنها إما نص في حلية مشتبه الحكم مثل : حديث الحل وإما أظهر في البراءة مثل : حديث الرفع والسعة ونحوهما ، فإنها لو لم تكن نصا في الترخيص فلا أقل من كونها أظهر فيه من دلالة أخبار الاحتياط على وجوب التحرز عن المشتبه.
ومن المقرر في محله : تقدم الأظهر على الظاهر ، وعدم ملاحظة قواعد التعارض بينهما.
٧ ـ هناك قرائن على إرشادية أوامر الاحتياط يعني : أن ما ذكرناه إلى هنا من تقديم أخبار البراءة على أخبار الاحتياط إنما هو مع تسليم دلالة أخبار الاحتياط على الطلب المولوي حتى تصل النوبة إلى الجمع الدلالي بينها وبين أخبار البراءة ، بتقديم الثاني على الأول بمناط الأخصية والأظهرية ، ولكن لا مجال لهذا الجمع بعد قصور أخبار الاحتياط عن إثبات الطلب المولوي ؛ لوجود قرائن داخلية وخارجية على الإرشادية ، كما أشار إليها بقوله : «مع أن هناك قرائن دالة على أنه للإرشاد» أي : على أن ما دل على وجوب الاحتياط إنما يكون للإرشاد.
القرينة الأولى : لو لا الإرشاد لزم محذور تخصيص الأكثر ؛ وذلك لاتفاق الفريقين على البراءة في غير الشبهة الحكمية التحريمية ؛ كالشبهات الموضوعية مطلقا ، والشبهات الحكمية الوجوبية ، فيلزم تخصيص الأكثر وهو مستهجن ، فلا يصار إليه ، فلا مناص عن حملها على الإرشاد المطلق ؛ لئلا يلزم محذور تخصيص الأكثر.
الثانية : إباء سياقها عن التخصيص ، فإن مقتضى تخصيصها بها أن في ارتكابها في موارد الشبهات الموضوعية والحكمية الوجوبية خيرا ، ومقتضى سياقها أنه لا خير في ارتكاب الشبهات أصلا ، بل فيه الهلكة ، فالخير كله في الوقوف عند الشبهة والاحتياط