الشرع ، ولا أقل من الوقف وعدم (١) استقلاله لا به ولا بالإباحة ، ولم يثبت (٢) شرعا إباحة ما اشتبه حرمته ، فإن ما دل على الإباحة معارض بما دل على وجوب التوقف أو الاحتياط.
______________________________________________________
لبطلان ما استند إليه أصحاب القولين الأولين ، وذهب إليه كثير من الناس ، واختاره الشيخ المفيد والشيخ الطوسي «قدهما».
وقال الشيخ الطوسي في عدة الأصول في وجه بطلان القول بالإباحة ما لفظه : «قد ثبت في العقول : أن الإقدام على ما لا يأمن المكلف كونه قبيحا مثل إقدامه على ما علم قبحه».
إذا عرفت هذه الأقوال فاعلم : أن استدلال الأخباريين بأصالة الحظر على وجوب الاحتياط في الشبهات الحكمية التحريمية منوط بالقول بالحظر في تلك المسألة ، فكل فعل محتمل الحرمة ـ بلا اضطرار إليه ـ محكوم بالحرمة عقلا ، ولو لم نقل به فلا أقل من الوقف ، فيكون الإقدام على المشتبه كالإقدام على معلوم الحرمة ، فلا يجوز ارتكابه ، فشرب التتن المشكوك حكمه غير جائز بحكم العقل ، ومعه لا يتوجه الالتزام بإباحة ما لم ينهض دليل على حرمته ، وهنا كلام طويل تركناه رعاية للاختصار. هذا تلخيص ما في «منتهى الدراية ، ج ٥ ، ص ٤٠٠ ـ ٤٠٢».
توضيح بعض العبارات طبقا لما في «منتهى الدراية».
قوله : «قبل الشرع» ظرف لقوله : «استقلال العقل» ، يعني : فيثبت الحظر فيما بعد الشرع باستصحاب عدم تشريع الإباحة بناء على جريانه في العدم الأزلي ، ويمكن أن يراد بقوله : «قبل الشرع» القبلية في الرتبة ، فالمعنى : أن العقل ـ مع الغض عن الشرع ـ يستقل بالحظر ، فهو الحاكم به متى ما شك في تشريع الإباحة.
(١) عطف تفسيري على «الوقف» ، وضمير «به» راجع على الحظر.
(٢) إشارة إلى أن هذا الدليل العقلي مؤلف من مقدمتين :
إحداهما : ما أشار إليه بقوله : «من استقلال العقل بالحظر» ، وقد تقدمت.
ثانيتهما : ما أشار إليه هنا بقوله : «ولم يثبت شرعا ...» الخ ، ويكون وجه عدم ثبوت الإباحة شرعا إما عدم نهوض دليل عليها ، وإما ابتلاؤه بالمعارض ، فلا يجوز الارتكاب حينئذ إذ لا مؤمّن له عقلا ولا شرعا.
قوله : «فإن ما دل ...» الخ تعليل لقوله : «ولم يثبت» ، وقد عرفته أيضا.