فالأصل عدم تحقق التذكية بمجرد الفري بسائر شرائطها (١) كما لا يخفى.
نعم (٢) ؛ لو علم بقبوله التذكية وشك في الحلية : فأصالة الإباحة فيه محكمة ، فإنه
______________________________________________________
استصحاب عدم التذكية عند الشك في القابلية هو عدم الطهارة والحلية ، ولا مجرى لأصالة الإباحة في لحم الحيوان المشكوك قابليته لها.
(١) أي : شرائط التذكية من التسمية واستقبال القبلة وإسلام الذابح والذبح بالحديد ، ومنها الخصوصية بمعنى القابلية ، فمع الشك فيها كان الأصل عدمها ، فلا يحكم بحلية حيوان إن أجريت عليه التذكية الظاهرية إذا لم يعلم بوجود تلك الخصوصية فيه ؛ كالمتولد من الشاة والكلب ، وإنما تعلم تلك الخصوصية من حكم الشارع بقابلية الحيوان الفلاني للتذكية ، أو قيام الإجماع عليه ؛ وإلا كان الأصل عدمها.
(٢) استدراك على قوله : «فالأصل عدم تحقق التذكية» ، وإشارة إلى الصورة الثانية. وهي ما إذا كان الشك في حلية لحمه مع العلم بتأثير التذكية في طهارته.
وغرضه من هذا الاستدراك : أن أصالة الإباحة تجري في هذه الصورة الثانية.
توضيح ذلك : أنه إذا علم قابلية الحيوان للتذكية وعلم حصول طهارته بها لإحراز الذبح بشرائطه ؛ لكن شك في حلية لحمه أيضا بالتذكية ، فإن أصالة الحل تجري ويحكم بحلية لحمه ، ولا مجال للأصل الحاكم أو الوارد وهو استصحاب عدم التذكية ، للعلم بتحققها حسب الفرض ، والشك إنما هو في أن ما يترتب عليها أثران وهما الطهارة والحلية كما تترتبان على تذكية مأكول اللحم ، أو أثر واحد وهو الطهارة فقط ، كما تترتب على تذكية غير مأكول اللحم؟
يعني : نعلم أن هذا الحيوان قابل للتذكية ؛ لكن لا نعلم أنه من قبيل البقر والغنم ، أو من قبيل الأرنب والثعلب ، فيحكم بطهارته استنادا إلى التذكية وبحلية لحمه استنادا إلى أصالة الحل.
ووجه عدم المجال للأصل الحاكم ـ أعني : استصحاب عدم التذكية ـ أنه ليس هنا أصل يجري في نفس قابلية الحيوان لحلية لحمه بالتذكية حتى يستند إليه ويحكم بمقتضاه بحلية لحمه مثلا ؛ لأن الحيوان إما خلق قابلا لها أو خلق غير قابل لها ، فليس للقابلية المذكورة أو لعدمها حالة سابقة حتى تستصحب ، وحيث لا يجري الأصل الحاكم فتصل النوبة إلى الأصل المحكوم ، أعني : أصالة الحل ؛ لأن هذا الحيوان بعد ورود التذكية الموجبة لطهارته عليه يكون ظاهرا مشكوك الحل والحرمة ، فيحكم بحليته استنادا إلى