حينئذ (١) إنما يشك في أن هذا الحيوان المذكى حلال أو حرام ، ولا أصل فيه إلا أصالة الإباحة ، كسائر ما شك (٢) في أنه من الحلال أو الحرام.
هذا (٣) إذا لم يكن هناك أصل موضوعي آخر مثبت لقبوله التذكية ؛ كما إذا
______________________________________________________
أصالة الحل ، فهو نظير شرب التتن المشكوك حكمه الكلي ، حيث تجري فيه أصالة الحل بلا مانع كما هو واضح.
(١) أي : حين العلم بقبوله للتذكية وصيرورته طاهرا بورودها عليه.
(٢) كالشك في حلية شرب التتن ونحوه من الشبهات الحكمية ، فإن المرجع فيه أصالة الحل.
(٣) إشارة إلى الصورة الثالثة ، وهي ما إذا كان الشك في الحكم لأجل الشك في مانعية شيء عن تأثير التذكية في الطهارة وحدها ، أو هي مع الحلية ، يعني : ما ذكرناه من عدم جريان الأصل الحكمي كأصالتي الحل والطهارة عند جريان الأصل الموضوعي كاستصحاب عدم التذكية لوروده عليه إنما هو فيما إذا لم يكن أصل موضوعي آخر يوافق الأصل الحكمي ، ونعني بالأصل الموضوعي الموافق له : ما يثبت قابليته للتذكية ، فلو كان هناك أصل موضوعي موافق حكم به ولم يجر الأصل الحكمي كما لم يجر في الصورة الأولى.
وغرضه «قدسسره» من هذا الكلام : أن ما ذكرناه في الصورة الأولى ـ من عدم جريان أصالة الإباحة مع وجود الأصل الموضوعي المخالف لها ، كاستصحاب عدم التذكية المقتضي لنجاسته الحيوان وحرمة لحمه كما عرفت توضيحه ـ بعينه جار في هذه الصورة الثالثة ، وهي ما إذا كان الأصل الموضوعي موافقا لأصالة الإباحة ؛ كاستصحاب قبوله التذكية الموافق لأصالة الطهارة والحلية ، فإنها لا تجري أيضا ، وإنما الجاري هو الأصل الموضوعي المقتضي لطهارة الحيوان وحلية لحمه.
وكيف كان ؛ فإن الأصل الموضوعي كالاستصحاب إذا جرى في مورد كان واردا على أصالة الحل ، سواء وافقها في المؤدى كاستصحاب قابلية الحيوان للتذكية ، أم خالفها فيه كاستصحاب عدم التذكية ؛ وذلك لزوال الشك في ناحية الحكم بإجراء الأصل الموضوعي.
وعلى هذا : فإذا علم قابلية حيوان للتذكية وشك في ارتفاعها بجلل ونحوه : فإن استصحاب بقاء القابلية للتذكية ـ بعد صيرورته جلالا ـ يحرز قيد التذكية الموجبة لحلية اللحم حينئذ ، وهذا الأصل الموضوعي الموافق لأصالة الحل كما يمنع عن جريان أصالة