وغير الاستحباب (١) ؛ من جهة أن العبادة لا بد فيها من نية القربة المتوقفة على العلم بأمر الشارع تفصيلا أو إجمالا ، وحسن الاحتياط عقلا (٢) لا يكاد يجدي في رفع
______________________________________________________
(١) التقييد بغير الاستحباب إشارة إلى إمكان الاحتياط فيما إذا دار الأمر بين وجوب فعل واستحبابه ؛ للعلم بكونه مأمورا به على كل تقدير بناء على كفاية ذلك في الاحتياط ، وعدم توقفه على إحراز نوع الحكم من الوجوب أو الاستحباب ، فإشكال الاحتياط في العبادات مختص بما إذا لم يعلم وجود الأمر أصلا ؛ كما إذا دار أمر فعل بني الوجوب وغير الاستحباب من الإباحة أو الكراهة.
قوله : «من جهة» متعلق ب «يشكل» ، وبيان لوجه الإشكال.
(٢) وكيف كان ؛ فقد أجيب عن هذا الإشكال بأجوبة قد بدأ بها المصنف بقوله : «وحسن الاحتياط عقلا».
وتوضيح هذا الجواب يتوقف على مقدمة وهي هناك قاعدة الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع ، وهي كل ما حكم به العقل حكم به الشرع هو أن حكم العقل بحسن الاحتياط يلازم الأمر المولوي بالاحتياط شرعا ، فيأتي المكلف بمحتمل الوجوب بقصد هذا الأمر الملازم لحكم العقل بحسن الاحتياط ، فيتم الاحتياط في العبادة.
وقد أجاب المصنف عنه بوجهين :
أحدهما : ما أشار إليه بقوله : «لا يكاد يجدي في رفع الإشكال» ، وتوضيح ذلك يتوقف على مقدمة وهي : أن حكم العقل تارة : يكون واقعا في سلسلة معلولات الأحكام كحسن الانقياد والإطاعة. وأخرى : يكون واقعا في سلسلة علل الأحكام وملاكاتها ، نظير قبح الظلم ، وحسن ردّ الوديعة.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أنه لا مجال لاستكشاف الأمر المولوي بالاحتياط بقاعدة الملازمة حتى يتقرب به ، ضرورة : أن حكم العقل بحسن الاحتياط كحكمه بحسن الإطاعة واقع في سلسلة معلولات الأحكام لا عللها ، نظير قبح الظلم ، وحسن ردّ الوديعة ، حيث يكون الأول قبيحا عقلا وحراما شرعا. والثاني حسنا عقلا وواجبا شرعا بقاعدة الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع. هذا بخلاف حسن الاحتياط عقلا في المقام حيث إنه ليس من موارد تلك القاعدة.
وعليه : فالمقام أجنبي عن قاعدة الملازمة ؛ إذ الاحتياط من أنحاء الإطاعة المترتبة على الأمر والنهي الشرعيين وفي طولهما.
ومن المعلوم : أن حسن الإطاعة حينئذ لا يلازم الأمر المولوي بها.