.................................................................................................
______________________________________________________
العبادي المحتمل وجوبه بهذا النحو ـ أي : مجردا عن قصد القربة ـ ولم يكن الغرض منه حفظ المصلحة الواقعية المحتملة ؛ لأن الفعل على فرض وجوبه واقعا لم يسقط أمره بالإتيان به بدون قصد التقرب ؛ إذ قوام العبادة به وهو دخيل في صميمه ، ولو كان الغرض منه حفظ المصلحة الواقعية لوجب الإتيان به مع قصد القربة ، فالأمر بالإتيان به مجردا عن القصد المذكور أمر نفسي يثاب على طاعته ويعاقب على مخالفته إذا كان إلزاميا كما هو شأن التكليف النفسي لا غيري ، مع أنه لا سبيل إلى الالتزام بنفسية أوامر الاحتياط ، ضرورة : أن المقصود من تشريعه التحفظ على الغرض الواقعي كما هو شأن سائر الواجبات الغيرية التي تقوم المصلحة بما يترتب عليها ؛ كالمسير إلى الحج الذي تكون مطلوبيته للتوصل إلى الواجب النفسي ، أعني : الحج ، فالاحتياط بالصلاة إلى جهات أربع عند اشتباه القبلة واجب غيري ، أمر الشارع به تحفظا على «معراج المؤمن» مثلا الذي هو ملاك لتشريع الصلاة ، وحيث إن العبادة المحتملة قد سلب عنها قصد القربة ، فليس المراد بالاحتياط التوصل إليها ، فلو وجب وجب لذاته كسائر الواجبات النفسية لا للتوصل إلى الواقع المجهول.
ثالثها : أن الأمر بالاحتياط بهذا النحو ـ على تقدير تسليم نفسيته ـ يكون عباديا لا يسقط أمره إلا بالإتيان بالفعل متقربا به إليه تعالى ، مع أن المقصود تجريده عن قصد التقرب ، وأن المطلوب هو وجود المتعلق في الخارج كيفما اتفق كتطهير اللباس للصلاة ودفن الميت ، فيكون الأمر به توصليا ؛ لوفاء مطلق وجوده في الخارج بالغرض الداعي إلى التشريع ولو لم يأت به عن داع إلهي ، فالإتيان بمحتمل الوجوب سواء انبعث عن الأمر المحتمل أم عن الأمر بالاحتياط هو المطلوب للشارع ، فلا محالة يتمحض الأمر به في التوصلية ، فلا يلزم قصد التقرب به مع أن مفروض كلام الشيخ «قدسسره» التقرب بالأمر بالاحتياط كما عرفت.
والحاصل : أن التقرب بالأمر بالاحتياط يتوقف على كونه مولويا نفسيا عباديا مع وضوح أن الأمر به ليس كذلك لأنه إرشادي فكيف يتقرب به؟
توضيح بعض العبارات طبقا لما في «منتهى الدراية».
«حينئذ» أي : كون المراد بالاحتياط هو الفعل المجرد عن نية التقرب ، وهذا هو المراد بقوله : «بهذا المعنى». وضمير «فيها» راجع على العبادات. وضمير «حسنه» راجع على الاحتياط.