المطابق للعبادة من جميع الجهات عدا نيّة القربة.
فيه : مضافا إلى عدم مساعدة دليل حينئذ على حسنه بهذا المعنى فيها ، بداهة (١): أنه ليس باحتياط حقيقة ؛ بل (٢) هو أمر لو دل عليه دليل كان مطلوبا مولويا (٣) نفسيا عباديا والعقل (٤) لا يستقل إلا بحسن الاحتياط ، والنقل لا يكاد يرشد إلا إليه.
نعم (٥) ؛ لو كان هناك دليل على الترغيب في الاحتياط في خصوص العبادة لما
______________________________________________________
(١) تعليل لعدم مساعدة دليل الاحتياط على حسنه بهذا المعنى المجازي لوضوح : أن الإتيان بالمأمور به العبادي مجردا عن قصد التقرب مغاير للاحتياط موضوعا ، وليس امتثالا لأمره أصلا ؛ بل هو أجنبي عنه بالمرة كما عرفت توضيحه.
(٢) هذا إشارة إلى مغايرة الاحتياط ـ بالمعنى الذي ذكره الشيخ ـ موضوعا للاحتياط الذي هو مدلول الأخبار ، وقد تقدم توضيح المغايرة بقوله : «وأما موضوعا ...» الخ.
وضمير «هو» راجع على قوله : «الفعل المطابق للعبادة» ، وهو الاحتياط الذي ذكره الشيخ الأنصاري «قدسسره».
يعني : الاحتياط ـ بمعنى الفعل المطابق للعبادة ـ شيء «لو دل عليه دليل كان مطلوبا مولويا نفسيا عباديا».
(٣) هذا إشارة إلى الوجه الأول من وجوه المغايرة بين الاحتياطيين حكما ، و «نفسيا» إشارة إلى الوجه الثاني منها ، و «عباديا» ، إلى الثالث منها ، وقد تقدمت هذه الوجوه.
(٤) الواو للحال ، يعني : والحال أن العقل لا يستقل إلا بحسن الاحتياط لا بحسن ما ذكره الشيخ «قدسسره» لمعنى الاحتياط ، الذي عرفت : أنه لو دل عليه دليل لم يكن إلا مطلوبا مولويا نفسيا عباديا ، كما أن الشرع أيضا لا يرشد إلا إلى حسن الاحتياط لا إلى حسن هذا المعنى الذي جعله الشيخ «قدسسره» لمعنى الاحتياط ؛ لأنه أجنبي عما يحكم بحسنه العقل ويرشد إليه النقل.
وبالجملة : فالأمر في مثل ـ «خذ بالحائطة لدينك» ، و «عليكم بالاحتياط ونحوهما ـ أمر إرشادي ، ومتعلقه هو الاحتياط الذي يحكم به العقل المنوط بالإتيان بكل ما يحتمل دخله في تحصيل الغرض ؛ لا المجرد عن نية التقرب فيما يحتمل عباديته ، فالمأمور به هو معناه الحقيقي لا الصوري الذي يصح سلب عنوان الاحتياط عنه حقيقة ، فإنه بهذا المعنى ليس حسنا عقلا ، ولا مما يرشد إليه الشرع.
(٥) استدراك على قوله : «لعدم مساعدة دليل».
وغرضه : أن حمل الاحتياط على معناه المجازي لا وجه له إلا إذا ألجأتنا دلالة