مكان ؛ بحيث لو وجد في ذاك الزمان (١) أو المكان (٢) ولو دفعة (٣) لما امتثل أصلا ،
______________________________________________________
فهناك احتمالات ذهب المصنف إلى التفصيل ، وتوضيح هذا التفصيل يتوقف على مقدمة وهي : أن النهي عن العمل تارة : يرجع إلى النهي عنه وطلب تركه في زمان أو مكان ؛ بحيث لو وجد الفعل دفعة واحدة لم يتحقق امتثال النهي أصلا ، وأخرى : يرجع إلى طلب ترك كل فرد منه على حدة ؛ بحيث يكون ترك كل فرد إطاعة على حدة ، فلو جاء ببعض الأفراد وترك البعض الآخر لأطاع وعصى.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أنه على الأول لا بد على المكلف من إحراز ترك العمل بالمرة ، فإذا شك في فرد أنه من أفراد ذلك العمل أولا ، كان مقتضى قاعدة الاشتغال لزوم تركه تحصيلا للفراغ اليقيني ؛ إلا إذا أمكن إحراز ترك العمل المنهي عنه ـ في هذا الحال ، ومع الإتيان بالمشكوك ـ بالأصل وهو استصحاب ترك العمل لو كان مسبوقا بالترك ، فيثبت به الامتثال.
وأما على الثاني : فلا يلزم المكلف إلا ترك ما علم أنه فرد للعمل ، وأما مع الشك في كونه من أفراده : فأصالة البراءة محكمة.
وقد تحصل مما ذكرناه : أن الفرد المشتبه بالشبهة الموضوعية على ثلاثة أقسام :
١ ـ المشكوك كونه فردا للطبيعة التي تعلق النهي بها بلحاظ أفرادها.
٢ ـ المشكوك كونه فردا للطبيعة التي تعلق بها النهي بما هي مع كونها مسبوقة بالترك.
٣ ـ المشكوك كونه فردا للطبيعة التي تعلق النهي بها بما هي مع عدم كونها مسبوقة بالترك ، وفي الأولين يجوز ارتكاب مشكوك الفردية ، وفي الأخير لا يجوز ، فما أفاده الشيخ «قدسسره» من جواز ارتكاب الأفراد المشتبهة مطلقا استنادا إلى البراءة ممنوع.
(١) كالنهي عن الصيد في حال الإحرام وزمانه ، أو النهي عن الإفطار في يوم الصوم.
(٢) كالنهي عن قطع شجر الحرم في مكة المكرمة.
(٣) يعني : ولو دفعة واحدة ؛ إذ من لوازم تعلق النهي بالطبيعة : أنه لو أوجد المكلف الشيء المنهي عنه ـ ولو مرة واحدة ـ لم يمتثل أصلا ؛ إذ المطلوب حينئذ هو : ترك الطبيعة ، وتوجد الطبيعة المنهي عنها بإيجاد فرد منها ، فيتحقق العصيان ؛ وإن ترك سائر الأفراد ؛ إذ لا أثر لتركها حينئذ في دفع العصيان.