كان (١) اللازم على المكلف إحراز أنه (٢) تركه بالمرة ولو بالأصل ، فلا يجوز (٣) الإتيان بشيء يشك معه (٤) في تركه ؛ إلا (٥) إذا كان مسبوقا به ؛ ليستصحب (٦) مع الإتيان به.
نعم (٧) ؛ لو كان بمعنى طلب ترك كل فرد منه (٨) على حدة لما وجب إلا ترك ما علم أنه فرد (٩) ، وحيث لم يعلم تعلق النهي إلا بما علم أنه (١٠) مصداقه ، فأصالة (١١) البراءة في المصاديق المشتبهة محكمة.
______________________________________________________
(١) جواب قوله : «إذا كان» ، وإشارة إلى النحو الأول من تعلق النهي بالطبيعة.
(٢) أي : أن المكلف ترك الشيء ـ كشرب الخمر ـ بالمرة. وقوله : «بالأصل» قيد لقوله : «إحراز» ، فالمعنى : ولو كان الإحراز بالأصل.
(٣) هذا نتيجة لزوم إحراز أنه ترك الفعل المنهي عنه بالمرة فيما إذا تعلق النهي بالطبيعة.
(٤) يعني : يشك ـ مع الإتيان بذلك الشيء المشتبه ـ في أنه ترك المنهي عنه بالمرة أم لا ، حيث كان المطلوب منه تركه رأسا.
(٥) استثناء من قوله : «فلا يجوز» ، واسم «كان» ضمير مستتر فيه راجع على الشيء المأتي به الذي شك مع الإتيان به في ترك المنهي عنه بالمرة. وضمير «به» راجع على الترك ، يعني : إلا إذا كان ذلك الشيء المأتي به المشكوك كونه فردا للمنهي عنه ، فيحرز ولو تعبدا ترك المنهي عنه بالمرة ، فيثبت المطلوب.
(٦) أي : ليستصحب ترك الطبيعة مع الإتيان بالمشكوك كونه فردا لها ، فيكون الشك في ترك الطبيعة مع الإتيان بمشكوك الفردية من الشك في رافعية الموجود.
(٧) استدراك على قوله : «كان اللازم على المكلف إحراز ...» ، وإشارة إلى النحو الثاني من تعلق النهي بالطبيعة المعبر عنه بالحقيقة والانحلال ، لانحلال الحكم فيها إلى أحكام متعددة بتعدد أفراد الطبيعة ، وقد عرفت توضيحه.
(٨) أي : من الشيء الذي تعلق به النهي.
(٩) أي : ما علم أنه فرد قطعي للمنهي عنه.
(١٠) أي : أنه مصداق المنهي عنه كزيد وعمر وبكر في مثال : «لا تكرم الفساق» ، وضمير «أنه» راجع على الموصول في «ما علم» المراد به الشيء.
(١١) جواب «وحيث» يعني : فتجري البراءة في المائع المشكوك كونه خمرا ، ووجه جريانها فيه : ما تقدم من أن الشك حينئذ في أصل التكليف ومن المعلوم : أن الأصل الجاري فيه هو البراءة ، بخلاف النحو الأول ، فإن الشك في الفرد المشتبه فيه يرجع إلى